أسرته

نبذ عن المتوفين منهم

بعض الدراسات عن أخوانه

ما ورد فى الموسوعة عنهم

   مايثار حول أسرته

تاريخ أسرته

[ بعض الدراسات عن أخوانه ]

مقتطف من وصية والدهم

أوصى أبناءه أن يتقوا الله ويصلحوا ذات بينهم وأن يعتصموا بحبل الله جميعاً وينهاهم عن التفرق والإختلاف .

الأمير تركي الأحمد السديري

المقدمة:

أحد القادة الابطال الذين حملوا راية الباني المؤسس جلالة الملك عبد العزيز – يرحمه الله – خاض معه المعارك الموفقة واخمد فتن العشائر في بعض المناطق . ولاه الملك عبد العزيز الامارة في أكثر من موقع فأدار الحكم بالحكمة والحزم حتى استقرت الأمور وكانت علاقة المصاهرة بين اسرته والملك عبد العزيز اقوى رباط جمعه بعبد العزيز وابنائه . فهو خال خادم الحرمين الشريفين واشقائه اصحاب السمو الملكي الأمراء سلطان وعبد الرحمن وتركي ونايف وسلمان وكان محل التقدير والاكبار لدى جميع أفراد الاسرة الكريمة .

تحت عنوان الأمير تركي بن أحمد السديري (البحر يعرف من بعيد) يقول الكاتب  تندثر الوقائع ان لم تجد من يهتم بتسجيلها وتنمحي صور الاشخاص والأمكنة ان لم تسطع ومضة ضوء عليها .. وفي الذاكرة الضوئية نحاول احياء ما قد يندثر أو ينمحي لو ترك لغياهب الظلمة والنسيان . كثيرون من رجالات مملكتنا – الذين لم يبخلوا بالغالي والنفيس وبالمهج من اجل تأسيس هذا الوطن الغالي وبنائه على التوحيد والعلم والايمان – قد جعلوا ما بذلوه لوجه الله خالصا , وليس للسرد او المفاخرة . ولكن لان التاريخ هو السجل الجامع للتراث واحداث الماضي فقد كان من حق من صنعوه ان ينالوا قسطهم منه , وكان من واجب من ارخ ان يذكرهم ويأتي على مراحل حياتهم بدقيق تفاصيلها ورائع اعمالها . وكم من رجل ضحى وجاهد , ولكن خلة التواضع فيه والبعد عن المديح او قبول الثناء حال ولو قليلا دون ترديد اسمه وانزاله المكان الرفيع الذي يليق به ولكن مهما حاول بعضهم البعد عن الاضواء , يبقى كوجه البحر ظاهرا حتى اذا كان ساجيا , وما أشبه قول المتنبي فيمن أنا بصدد الكتابة عنه :

( فوجه البحر يعرف من بعيد                 اذا يسجو فكيف اذا يموج )

رحم الله صاحب السمو الأمير تركي بن أحمد السديري , فقد كان من هؤلاء النفر الذين آلوا على انفسهم أن يؤدوا الواجب , ولم يطلبوا عليه جزاء ولا شكور . وكيف نجهل هذه المنارة الشامخة , وهو الطود في افعاله حسبا , وكالنار على العلم شموخا , ولا تضيف ( الذاكرة الضوئية ) جديدا عندما تسلط الأضواء على هذا الأمير وتسرد بعض افعاله ومواقفه , فهو قبس , وإليه تهتدي الابصار . ومرة اخرى أردد مع الشاعر الخالد :

( وليس يصح في الافهام شيء                لذا احتاج النهار الى دليل )

من الصعب تعريف هذا الامير بصفة تكون اجدر من بقية الصفات فيه , او ذكر شيء يفوق ما فيه من مآثر . انه خال خادم الحرمين الشريفين الملك فهد واشقائه الكرام اصحاب السمو الملكي الأمراء : سلطان وعبد الرحمن وتركي ونايف وسلمان وأحمد أمد الله في أعمارهم . وهو من أسرة لها تاريخ مشهود وجذور أصيلة ضاربة في أعماق الشرف والسؤدد , وهذا أمر جلي يعرفه اهل العلم والفضل . لذا فمن نافلة القول ان نشيد بنسب يتعالى , ولا بأس في ان نحاول في هذه العجالة ذكر بعض مآثره وكفاحه ونزاهته وتفانيه في العمل والتضحية في جميع المراحل بعد تأسيس هذا الوطن الغالي على يد المؤسس الباني جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه . واذا كان بعض الناس لا يعرفون ما ينبغي معرفته عن حياة سموه ومرد ذلك لانه أبقى في صدره على جل أحداث الماضي ووقائعه . وآثر الصمت فضيلة والكتمان حرزا فلم يبح بمكنونات نفسه او بذكريات الجهاد وكان تعليله في ذلك (ان كل شيء في وقته حسن , وان الماضي قد مضى , انقضى بخيره وشره ) وظلت حكمته التي ألزم نفسه بها طوال أيام حياته يرحمه الله .  كان يتمتع بخلة انكار الذات ولم يكن يعتبر نفسه الا خادما أمينا للدين والوطن وجنديا مخلصا في جيش الملك عبد العزيز , يؤدي واجبه بأمانة واخلاص .

مولده ونشأته

ولد الأمير تركي بن أحمد بن محمد السديري في بلدة الغاط عام 1319هـ 1902م وهو العام الذي استرد فيه الملك عبد العزيز الرياض . ونشأ سموه في كنف والديه الكريمين , وكان اكبر ثمانية اخوة , هم عبد العزيز وخالد ومحمد وعبد الرحمن ومساعد وسليمان وبندر . وكان والده من اللامعين في عهد الملك عبد العزيز , اذ كان عهده متزامنا مع بداية تأسيس الدولة السعودية الثالثة العامرة , وكان أحد القادة الذين اصبح لهم دور مهم في تلك الفتوحات , فقد اعتمد عليه جلالته وكان من الادارين كما كانت تربطه بالملك عبد العزيز صلة قربى ومصاهرة كأسلافهم , وكان على جانب كبير من المعرفة والثقافة والاطلاع ولديه مكتبة ضمت مئات الكتب النادرة , كما كانت لديه مشاركات شعرية نبطية , وبرز اسمه بوضوح مع الرجال الذين شاركوا الملك المؤسس في إقرار أوضاع شرق نجد وشمالها . وهو والد الأميرة حصة بنت أحمد السديري أم الملك فهد أمد الله في عمره وأشقائه البررة . ونعود الى فتانا الأمير تركي , أكبر إخوته , فقد نشأ في ظروف غير مستقرة , حيث ان والده كما ذكرنا , نذر نفسه طوال حياته ليكون تحت إمرة قائده الأعلى , وأخيه في الكفاح والعقيدة , جلالة الملك عبد العزيز . بدأ الأمير تركي عن طريق الوسائل التي كانت متاحة في تلك الاثناء بقراءة القرآن الكريم شأن اترابه عند الكتاب فحفظه عن ظهر قلب , ثم تلقى علوم الدين على يد بعض العلماء عصره واستطاع ان ينمي ثقافته من خلال مكتبة والده , فقرأ الكثير من الكتب وحفظ شيئا من الشعر القديم واطلع على اخبار العرب في عصر الجاهلية واشراقة الاسلام . وبعد ذلك أخذه والده وعلمه ودربه في ملاعب الأسرة مع اللدات والاقران على ألعاب الفروسية وحمل السيف والرماية والكر والفر . وما لبث ان غدا من الفرسان الشجعان البواسل على الرغم من حداثة سنه وهيأ نفسه للمهام الجسام .

معاركه وغزواته

بعد ان برزت مواهبه , وتوثقت خبرته , واشتد ساعده , اختاره جلالة الملك عبد العزيز ليكون في معيته وخصه في حاشيته ولم يتجاوز العشرين عاما , فكان الراجح عقلا , واللائق تصرفا , يسير مع الملك عبد العزيز دون خوف او تردد , وشارك في العديد من الغزوات في صحبة الملك , وأهمها : معركة السبلة , ثم اشترك بعدة حملات على الحدود الشمالية والغربية , وقام بمجهودات جبارة مع الأمراء : سعود وفيصل أبناء الملك عبد العزيز أثناء حرب اليمن عام 1352هـ . وكان سموه يقوم الى جانب عمله أميراً لعسير بتسيير وتجهيز الجيوش , والإشراف التام على المعدات العسكرية حتى انتهت الحرب بالنصر المؤزر . ثم قاد حملة عام 1361هـ على بعض القبائل في الجنوب لوقوع إعتداءات فيما بينها حيث سادت فيهم الفوضى وكثر القتل والنهب , وقد نجحت الحملة نجاحا مذهلا وإنقادت تلك العشائر لولي الأمر وتصالحوا فيما بينهم وأصبحوا إخوة متحابين . وفي عام 1370هـ حصل سوء تفاهم بين قبيلة قحطان وأهالي نلثيث ادى الى صدام بينهم , فقام بحملة عليهم وعمل على إصلاح ذات البين بما وهبه الله من حكمة وسعة صدر وعاد ظافرا والكل يدعو له بالخير .

 مناصبه 

في عام 1346هـ ولاه الملك عبد العزيز منطقة الجوف , تولى امارة منطقة عسير التي لم تكن بعض اجزائها مستقرة آنذاك , وواجه سموه تلك الصعوبات بحكمة وصلابة حتى هدأت الاوضاع تماما وعاد الأمن والأمان الى تلك المناطق , ثم اضيفت منطقة جازان الى مسؤولياته فترة من الزمن , لكنه رأى ان تكون جازان أمارة مستقلة وطلب من الملك عبد العزيز اعفاءه من امارتها فأجيب الى طلبه وأصبحت جازان فيما بعد امارة مستقلة عن عسير . وكان سموه خلال فترة وجوده في عسير مطلق التصرف بأمورها الداخلية والادارية والمالية , وهذا يدل على مدى الثقة التي كان يتمتع بها , فسارت الأمور على أكمل وجه واستتب الأمن في المنطقة ودانت جميع قبائلها بالطاعة والولاء لملك البلاد . وبعد ذلك انتدبه الملك عبد العزيز عام 1354هـ الى منطقة جازان على أثر وفاة أميرها حمد الشويعر لتردي بعض الاوضاع فيها , واستطاع بما اتخذه من تدابير واجراءات ان يحفظ الأمن ويوطد سلطة الدولة وان يجمع شمل العشائر فيها على الولاء والطاعة . أصدر الملك عبد العزيز أمرا ملكيا بتعين سموه أميرا على منطقة جازان .

علاقته بالملك

كان الملك عبد العزيز يعتمد عليه ويسند اليه المهمات كلما جد الجد وحزب الأمر , فيجد فيه الرجل العامل والصادق في القول , والحكيم ذا العقل الحصيف والرأي السديد المبني على الدين القويم , اضافة الى تمتعه بخلق سليم , وكان جلالته يسر لحسن افعاله وجرس كلماته وجزالة عباراته , وكان الأمير تركي محل الثقة المطلقة عند الملك عبد العزيز . كان اذا ذهب لزيارة جلالته في الرياض استقبله استقبالا بالغ الحفاوة لما كان يكنه له من الاحترام والمحبة . وكان الأمير تركي بدوره يبادل الملك عبد العزيز وابناءه البررة مشاعر المحبة والمعزة الى درجة كبيرة تفوق الحد وتزيد على المألوف . ولعظم محبته للملك عبد العزيز , فقد كان سموه يحب أبناء وبناته حبا جما . وكان اذا زاره احدهم يخف لاستقباله والقيام بواجب الضيافة , وكانوا يعدونه بمثابة والدهم بعد وفاة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه .

سيرته الإدارية

 لم يكن في أعماله الادارية أو في المناصب التي تولاها يعتمد على كتابه أو مساعديه , بل كان يقوم بالاجابة شخصيا عن كل ما كان يرده من كتب وبرقيات من اصحاب الجلالة او الأمراء , وكان لا يهمل أية رسالة ترد اليه حتى لو كانت موجهة من عامة الناس , وكان سموه حريصا على بسط الأمن واشاعة الطمأنينة والاستقرار في المناطق التي تولى ادارتها , وكان يقوم بدراسة كل قضية تعرض عليه دراسة دقيقة متأنية وافية ثم يتخذ ما يراه ازاءها متوخيا احقاق الحق واقامة العدل وامضاء حكم الشرع , وهو لا يبالي بما يسببه له ذلك من ارهاق وتعب مادام يجد فيه رضا ربه وراحة ضميره , وكان لا تأخذه في الله لومة لائم . ولعل أبرز ما يمتاز به سموه انكاره لذاته وبغضه للمديح والثناء , ذلك انه يعتبر كل ما يؤديه ويقوم به انما هو واجب مقدس يحرص عليه كما يحرص على ادائه على الوجه الاكمل .

وعلى الرغم من هيبة سموه ووقاره , الا انه كان قريبا من العاملين معه صغارا كانوا ام كبارا نظرا الى تواضعه الجم ورغبته في جعل العمل افضل أداء واتقانا . وكان من عادته في اجتماعاته مع المسؤولين في الدولة وموظفي الامارة ان يفسح المجال للجميع لابداء آرائهم وطرح مقترحاتهم بكل رحابة صدر و وكان يصغي لمن يتحدث اليه بكل جوارحه وكان دقيقا وحريصا على تنفيذ الأنظمة لا يحابي أحدا على حساب أحد ويتحرى الدقة في أحكامه وقراراته المنصفة . فقد نذر حياته يرحمه الله من أجل خدمة دينه ومليكه ووطنه ومواطنيه وكرس جل اوقاته لتطبيق العدل واشاعة الطمأنينة وبسط الأمن بين المواطنين .

اخلاقه ومناقبه  

لم يكن الحزم والتحفظ الظاهر مع الناس دليلا على جفاء في طبعه , ولكنه حزم أملته الظروف الدقيقة التي عاشها سموه آنذاك فمع شدة قدرته على تحمل الصبر أمام الصعاب والمشاكل , كان رقيق القلب جدا , مرهف الحس والمشاعر عند المواقف التي تتطلب ذلك . وطالما كان يضعف أمام مواقف انسانية , فيستحيل الى كتلة من المشاعر الفياضة بالحب والعطف . وكان أشد ما يؤلمه حقا ان يرى انسانا في ضيق لا يحير منه مخرجا , وكان الحزن يعصف بقلبه اذا رأى انسانا يبكي أو يتألم وقاسى ظلام البؤس ومتاهات الشدائد , فكانت يده تمتد حاملة الأمل لتعيد البسمة الى الوجوه . فكم من ديات دفعها من جيبه الخاص عن أشخاص معدمين كتب الله عليهم ان يرتكبوا الجرم خطأ ! وكم من مريض لا يملك من متاع الدنيا أرسله للعلاج على نفقة سموه فكتب الله له الشفاء على يديه الحانيتين . وكان سموه أشد الحرص على ان يظل ما يقدمه للآخرين من معونة سرا لا يعلم به أحد . فمن مبادئه التي يؤمن بها ان الحديث عن أعمال البر والترويج لها بالدعاية يفسدها , وهذا ما دعت اليه الآداب الاسلامية التي حضت كثيرا على عدم اتباع الصدقات بالمن والأذى , واعتبرت ذلك رياء وليس عملا خالصا لوجه الله  .

وفي حياته الخاصة كان – يرحمه الله – يباسط جلساءه ويمازحهم ويسامرهم ويشاركهم لهوهم البريء الذي لا يخرج عن حدود اللياقة والأدب , وكان مع خاصته يبدو وكأنه واحد منهم , ولم يكن مرحه وخفة ظله تفارقه في جلساته , وكان في أوقات فراغه يحب الاستماع الى الراديو ولا سيما القرآن الكريم . أما التلفزيون فلم يكن فيه سوى نشرة الاخبار المصورة , وكان اذا انفرد بنفسه يرى سادرا في تفكير عميق . ويجمع كل من عرفه على أنه كان بعيدا عن الطمع , وقليل الرغبة في بهارج الدنيا وزخارف الحياة ومباهجها .

إلى جوار ربه

أمضى سموه بقية عمره الحافل بالأمجاد والبطولات في جازان وما يتبعها من قرى وعشائر , يدير شؤونها , فسارت الأمور في المنطقة من حسن الى أحسن حتى بلغ من العمر سبعة وثمانين عاما وهو على رأس العمل قضاها مجاهدا شجاعا يشارك بكل قوته وطاقاته في أمجاد بلده واعلاء كلمة الحق , حتى وافاه الأجل المحتوم يوم الاحد 4/11/1397هـ الموافق 16/10/1977م في مسقط رأسه الغاط أثناء زيارة لها. لا يزال كل من عرفه يتذكر ما أسلف من اياد بيضاء وفضل ومواقف رجولة ونبل في سبيل الله والوطن . وقد نعى الديوان الملكي سموه , ونعته الأمة أمانة وشرفا وورعا . فذكرى هذا الرجل العظيم وسيرة حياته , هي صنو كل الشخصيات العظيمة الفذة , ليست ملكا له او حكرا على أبنائه واحفاده , وانما هي ملك أمته عاش لها وفي سبيلها ضحى فحفر بذلك اسمه في سجل الخلود , بعد ان مهره في ضمير الشعب ليستعصي على النسيان , ويقوى على الزمان . ولئن فارق الحياة بجسمه , فقد بقي أثره وخبرته خالدين في ابنائه الأمراء الاخيار , وهم : الأمراء فهد ومحمد وخالد وأحمد وعبد الرحمن وعبد المحسن وسلطان , واثنتا عشرة من البنات , فهم الأمل الباسم لخير سلف , يتحلون بلباس الفضيلة ويتصفون بالعلم والمعرفة , ويقتفون مسار أبيهم في جليل الاعمال ومع ذلك نردد :

( والموت نقاد على كفه جواهر يختار منها الجيادا )

رحم الله الأمير تركي , وتغمده بواسع رحمته وجزاه عن المسلمين في هذا الوطن العزيز أفضل الجزاء الى يوم الدين .

أزجي الشكر والتقدير لابنه الأمير خالد بن تركي السديري الذي أمدني بالمعلومات الموثقة عن والده يرحمه الله .

 الدراسة نشرت بجريدة اليوم بتاريخ الاثنين 9 رجب 1420هـ 18 اكتوبر (تشرين الاول) 1999م العدد 9621 الذاكرة الضوئية للكاتب: صالح الذكير عضو اتحاد المؤرخين العرب

 

الأمير عبد العزيز الأحمد السديري

طفولته ونشأته

ولد في عام 1324هـ في الأفلاج عندما كان والده أميراً هناك وأنتقل معه وهو طفل صغير في عام 1326هـ لبريده عندما أصبح والده أميراً لها ولكنه عاد أميراً للأفلاج مرة أخرى بعد عام  وعاش إبنه عبد العزيز باقي طفولته فيها إلى أن تركها والده عام 1335هـ . درس دراسته الأولى في الأفلاج ومن ثم في الغاط على يد عدد من المشائخ وطلبة العلم منهم الشيخ عبد الله الحصين .....

مشاركاته الحربية

شارك في معركة السبله المشهوره عام 1347هـ وما تلاها

تجربته الأولى وتعليمه المتقدم

عاش ما بين عام 1348هـ إلى عام 1352هـ متنقلاً بين الرياض وموطنهم الغاط والطائف ومكة المكرمة حيث ولد أبنه الأكبر عبد الله هناك وكان ملازماً لجلالة الملك عبد العزيز وأبنائه ودرس على يد عدد من رجال العلوم الشرعية واللغة العربية وكانت نشأته تلك ذات أثر كبير على ثقافته وفلسفته في الحياة في سنينه اللاحقة .

مسؤلياته

بعد أن إنتقل أخيه الأكبر تركي من الجوف إلى أبها عام 1352هـ تولى أمارة الجوف لمدة خمسة أعوام وقد كانت الجوف حاضرة في ذلك الوقت وعمل على تثبيت الحكم وإبعاد القلاقل والنزاعات القبلية .

 في عام 1357هـ إنتقل كمفتشاً للحدود الشمالية وأميراً للقريات التي كانت مركزاً صغيراً وقد عمل على تطويرها وأصبحت أمارة حدودية مهمة وقد وضع مركز الأمارة فى النبك وقد كانت تجارة ما يعرف (بالعقيلات) تمر عن طريقها وكون علاقات وثيقة مع العاملين بها . وقد قام في ذلك الوقت بالتفاوض مع الحكومة العراقية وحكومة شرق الأردن  (المملكة الأردنية الهاشمية لاحقاً)  على ترسيم خط الحدود الفاصل بينها وبين المملكة العربية السعودية وكان له دوراً بارزاً في ذلك ، وقد كون علاقة قوية جداً بالمفاوض الأردني قلووب باشا (أبو حنيك) وكان كثير القدوم للرياض والإقامة فيها لمدد متفاوتة لأخذ توجيهات جلالة الملك عبد العزيز وقد ربطته علاقة العمل مع وزير الخارجية الأمير فيصل (الملك لاحقاً) عندما كان نائباً للملك فى الحجاز وكذلك المجلس الإستشاري لجلالته .

في عام 1375هـ وقع الإختيار عليه ليكون وزيراً للزراعة خلفاً لصاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز أطال الله في عمره الذي أصبح وزيراً للمواصلات  ولكن مشيئة الله لم تمهله طويلاً حيث إنتقل لجوار ربه بعد إستلامه ذلك المنصب بثلاثة أشهر ، وقد خلفه فى أمارة القريات ومفتشية الحدود الشمالية إبنه عبد الله ومن ثم إبنه سلطان .

 ثقافته

شهد له الكثير أنه كان ثقافياً سابقاً لوقته ولابد أن لموهبته سبباً رئيسياً فى ذلك ، ولكنه أيضاً عندما عاش طفلاً مع والده في الأفلاج كان أخواله آل رشود معروفين بالميل للعلوم والمعارف وعندما عاش في الغاط وهو شاباً صغيراً حصل على قسطاً من العلوم المتاحة في ذلك الوقت ومن ثم في الرياض ومكة والطائف في السنوات اللاحقة وإحتك بعدد  من الرجال الذين كانوا أصحاب علم ومعرفة وتجربة وكان رحمة الله عليه يهوي الأسفار سواءً للمعرفة أو العلاج وكان كثير التردد على الأردن  وزار كلاً من سوريا ولبنان والقدس والأراضي الفلسطينية وعرف الكثير من الأعيان والوجهاء والدبلوماسيين ، وقد تعرف خاصة في مصر على عدد من  علماء العالم العربي المعروفين في ذلك الوقت وعندما مكث مدة للعلاج في فرنسا تعرف على عدد من المثقفين والدبلوماسيين العرب والمسلمين هناك . تظهر جلياً ملكاته الفكرية من خلال كتاباته وآراءه وفلسفته في الأمور والحياة . 

هواياته

كان يهوى الصيد بالصقور  وصيد الغزلان والرحلات الصحراوية والأسفار من أجل المعرفة ويقرض الشعر ولكنه كان من المقلين جداً .     

أثره

 كان أبرز ما عرف به هو  حداثته مقارنة بجيله وقد أنشاء مدرسة للبنات فى القريات وكانت الأولى  بتاريخ المملكة خارج المناطق المقدسة .

شخصيته

كان رحمه الله ودوداً مؤثراً يتمتع بمحبة وإحترام وتقدير كل من عرفه وإحتك به ، صادقاً في عواطفه مخلصاً في عمله ومسئوليته قضى عمره القصير  في العمل الدؤوب  المخلص لدينه ومليكه ووطنه .

وفاته

توفى رحمة الله عليه في جده أثر نوبة قلبية وهو في السيارة خارجاً من مكتبه في طريقه لتناول الغداء كعادتهم اليومية في بيت أخته الأميرة حصه والدة الملك فهد طيب الله ثراه وأشقائه في منتصف عام 1375هـ عن عمر يناهز الواحد وخمسين عاماً تاركاً وراءه ذكراً بقي حياً عند كل من عرفه وكنزاً من الرؤى للحياة والناس سوف تبقى خالدةً للأبد .

المصدر متعب خالد السديري

 

الأمير محمد الأحمد السديري

أبو زيد أميراً وشاعراً

محمد بن أحمد السديري فتح أبواب الشعر الشعبي على فنون الملاحم وسير الأبطال وكان رائداً

هناك في التاريخ شخصيات لا يمكن أن تنسى , فكلما مر الزمن بها زادت توهجا وحضورا حتى بعد أن توارت في الثرى فإنها حاضرة أبداً في الهاجس لدى المعاصر والمعايش لها يراها ماثلة أمامه لما لها من تأثير ليس عليه شخصيا وإنما على كثير من الناس من حيث المعايشة التي ربطتها بها , فكان التعامل معها وأخذت منها وأعطت , فكان التواشج والتلازم , والتكامل الحياتي المعاش بينهما من حيث تأثير تلك الشخصية في غيرها , اذ تتسم بظاهرة , أو ملمح تأثيري على الآخر يشدها ويأسرها اليه لما تأتيه من أفعال تكون ذات خاصية لا تنطبق على سواها , وهذه الخاصية هي العامل المؤثر في المقابل , اذ يجد فيها حاجة هو محتاج اليها غالبا ما تكون نفسية تمكنه من الارتياح إذا ما كانت حالات التعامل قائمة بينهما , فتكون الاكتشافات التي تستمر على مر الزمن هي الحافز المذكر أبداً بها .. من الشخصيات ذات الخاصية المميزة الأمير محمد بن أحمد السديري (أبو زيد) الذي لازال وبعد أكثر من تسعة عشر عاما على وفاته يرد ذكره بين حين وآخر قصير سواء في الكتب أو الجرائد والمجلات التي تعنى بآداب وتاريخ المملكة العربية السعودية , وحيث أنه قام بعدة أعمال وتقلب في عدة مناصب فان ذكره يتجدد في كل مناسبة لها مساس بفنه أو عمله فهو دبلوماسي , وشاعر , وأمير عمل في عدة مناطق , وكان مثالا لرجل الدولة الذي تناط به المهام التي يرى أنه قادر على التعامل معها بحكمة ودراية .. صدر مؤخرا كتاب بعنوان (محمد بن أحمد السديري / أميراً وشاعراً ) تضمن بين دفتيه الكثير عن حياة الأمير وشعره , ومواقفه وصور وذكريات مهمة , وقد جاء في مقدمة الكتاب الذي أعده حسين عبد الحميد بديوي , وهو أحد معاصريه ..  أردت الوفاء لرجل له في حياتي مواقف لا تنسى وله في نفسي من الآثار الطيبة ما يجعلني اشعر دائما بأنني مدين له بأشياء كثيرة – فأدعو الله سراً وعلانية ان يتغمده بواسع رحمته وأدعو الله أيضا أن يمكنني من إنجاز الوعد الذي ضربته على نفسي والأيام تمر والعمر يدخل الى تخوم بعيدة عن نقطة البدء في ذلك المشوار الطويل وإستخرت الله وبدأت الخطوة الأولى في عملي هذا , أن عرضت المشروع على الأمير زيد بن محمد النجل الأكبر للراحل – الاسم الذي يكنى به – وتمثلت فيه بالنسبة لوالده الإطلالة الأولى لطلائع الأحلام , شجعني زيد وبارك مشروعي , وأضاء لي قمراً برمته من التشجيع والمباركة والدعم , ليس ذلك فحسب بل زودني بكثير مما كنت افتقر إليه من الوثائق والمعلومات . فأضفت الخير الى البركة فكان هذا الكتاب . ولا أزعم انني أوفيت الرجل حقه , ولكنه جهد المقل فقد (صح مني العزم والدهر أبي ) .. الخ

 بداية المسئولية

بدأ الأمير أولى مسئولياته القيادية بتوليه امارة الجوف وهو دون الخامسة والعشرين من عمره – في شهر رمضان المبارك من عام 1357هـ - 1938م بعد أخيه الذي يكبره بسبع سنوات .. الأمير عبدالعزيز بن أحمد السديري الذي انتقل من الجوف الى القريات وكانت تسمى (مفتشية الحدود الشمالية الغربية ) . فأضاف الى جهود أخيه جهوداً أخرى واسعة النطاق . ففي هذه الأثناء كانت البلاد السعودية الكبيرة قد انتهت من فترة التأسيس السياسي التي حددها بعض الباحثين بالإمتداد الزمني الواقع بين عام 1333هـ وعام 1351هـ ( 1915- 1932م ) وأخذت بوضع النظم العامة للدولة والتوسع في تطوير الإدارة وكوادر القضاء والحج والشئون الصحية والمواصلات والمعارف والبريد والبرق والطرق والمباني وتركيز المسئولية والعمل والعمال – وتحضير البدو عن طريق الهجر – وتوفير المياه والتقسيم الإداري للمناطق والأمن الداخلي وتوثيق الصلات الخارجية وغير ذلك من شئون الدولة السعودية المعاصرة . وكان عاهل البلاد المؤسس يرحمه الله تعالى يختار الرجال في هذه المرحلة بدقة وعناية استنادا الى درايته بخصائصهم , ومن هذه الزاوية تم اختياره للأمير محمد بن أحمد السديري ليكون أميراً على منطقة الجوف التي إمتدت من شمالها الشرقي الى حدود العراق , وتلتقي شمالا بحدود الأردن السياسية .. 

 أميراً لمنطقة جازان

صدر الأمر الكريم بتوليه إمارة منطقة جازان بدلا عن أخيه الأمير خالد بن احمد السديري الذي صدرت الأوامر الكريمة بنقله أميراً للظهران – فقدم مع أخيه الأمير خالد وإستلم منه عمل إمارة جازان في ربيع الثاني عام 1364هـ (1945م) ..  ومن ثم قائدا لقوات المجاهدين من أجل فلسطين كانت قوات المجاهدين من أجل فلسطين , تتألف أساساً من متطوعين  من مختلف القبائل , وقد بلغ عددهم زهاء خمسة آلاف مقاتل موزعة على خمسة ألوية – يرأس كل لواء منها واحد من شيوخ تلك القبائل المشاركة والتي تتكون منها الألوية وكلها تحت قيادة الأمير محمد أحمد السديري . فاستطاع بخصائصه الفروسية وحكته أن يكوّن من هذه القبائل المختلفة في مشاربها وعاداتها وتركيباتها النفسية كتلة واحدة تتميز بالروح الجهادية العالية – والحماس القوي لتلبية نداء فلسطين العربية المسلمة الجريحة .

 وأميراً لمحافظة (خط الأنابيب)

بعد أن انتهت المسوغات العلمية لمهمة قوات المجاهدين المرابطة في الجوف لأكثر من عامين ويدها على الزناد – صدر الأمر الملكي باختياره محافظاً لمحافظة (خط الأنابيب)- (التابلاين) في الحدود الشمالية بتاريخ 1/9/1369هـ - يوليو 1950م ويعتبر هذا التاريخ تاريخاً لإنشاء هذه المحافظة الفتية إدارياً التي تمتد حدودها من (رأس مشعاب) شرقاً إلى تل الهبر في الشمال الغربي عند حدود المملكة الأردنية الهاشمية , ويمر في الأراضي الأردنية السورية في الإتجاه نفسه إلى مدينة (صيدا) في لبنان على البحر الأبيض المتوسط بميناء الزهراني .

 العودة إلى جازان

بعد إنتهاء مهمته – رحمه الله في محافظة التابلاين بالحدود الشمالية في شهر ربيع الثاني 1376هـ - ديسمبر 1956م تفرغ لأعماله الخاصة وشئون عائلته وأولاده – فترة ست سنوات تقريباً , تهيأت له فيها الفرصة أيضاً لقراءة دواوين الشعراء البارزين في الشعر الشعبي وجمع بعض القصائد المختاره من أشعارهم , كما أتاحت له حياة التأمل والسكينة أن يقطف من موهبته الخصبة ثمرات شعرية يانعة , حتى جاء الأمر الملكي عام 1382هـ باختياره مشرفاً على الحدود الجنوبية بمنطقة جازان . لقد إشتهر بشعره القوي الذي يمثل قمة الشعر الشعبي بناء ومعنى , حتى أنه كان مدرسة ولم يزل لكثير من الشعراء , إذ لا يذكر إلا ويكون الاحترام لما قدمه من أشعاره لها وقعها في النفوس .. الخ 

 الملاحم الشعرية

هذه ومضات على جنس أدبي شعبي له خصائصه وعناصره ومقوماته , هو نوع من القصص الشعبي الذي يختلط فيه الشعر الغنائي – غالباً – بالنثر فهو ليس من نمط المسرحي الشعري العامي بالمفهوم الاصطلاحي للمسرحية الشعرية القائمة على وحدة الزمان والمكان والحوار المكثف والشخصيات المحورية , والتكثيف والمغزى , ثم الخشبة والجمهور , إنها أقرب إلى السير الشعبية التي لا تخلو من بعض العناصر المسرحية الذهنية / مثل النصوص الشعبية لعنترة , والمقداد , وذي يزن , وشعراء بني عذره ومع ذلك فهي قابلة بجدارة للتحوير المسرحي , لكن هذا لا يعني أنها لا تندرج في مفهوم القصة التمثيلية بنثرها وشعرها وتقترب أحياناً من المسرحية الشعرية في طريقة الحوار , وهي بالترتيب التالي :

 الدمعة الحمراء

(الدمعة الحمراء) ملحمة شعرية تقع في أكثر من مائة وخمسين صفحة , سطر فيها واحدة من أروع ملاحم الشجاعة والوفاء والحب النقي الصادق , إضافة إلى ما أودعه هو في طيات هذه الملحمة من أفكاره ومشاعره الجياشة تجاه المثل والقيم الأصيلة التي تشرّبها وآمن بها , كذلك حبه المتدفق لبلاده , ولأرض نجد الطيبة على الخصوص .

وملحمة ( الدمعة الحمراء) التي تعتبر المحاولة الأولى من نوعها في مجال فن المسرحية الشعرية في المملكة العربية السعودية , إنما تنضم بمكانتها المتميزة إلى نوع الشعر الملحمي المعروف لدى شعوب أخرى أمثال ملحمة ( روميو وجوليت) في الأدب الشكسبيري وملحمة (المجنون وليلى العامرية) في الأدب العربي القديم , وأيضاً ملحمة (مم وزين) وكذلك ملحمة (شيرين وفرهاد) في الأدب الفارسي والأدب الكردي , تلك الملاحم التي ما تزال تحتل موقعاً أدبياً وإنسانياً فريداً على الساحة الأدبية لهذه الشعوب , والتي جرى تمثيل بعضها على أرقى المسارح العالمية الشهيرة .

تلك هي ملحمة (الدمعة الحمراء)التي يجسد فيها بطلها (وافي) وبطلتها (شيمة) كل معاني الوفاء والإخلاص البدوي الخالص وروح الإباء المندفع في حماية القيم والمثل السامية للمجتمع البدوي حدّ التضحية بالروح .

  أبطال من الصحراء

بالاضافة إلى الكم الهائل من الشعر الذي أبدعته قريحة الشاعر الأمير محمد بن أحمد السديري , وكذلك ملحمته الشعرية (الدمعة الحمراء) , أصدر الأمير الشاعر سيَره الأدبية التاريخية الموسعة (أبطال من الصحراء) وتجدر الإشارة إلى أن (أبطال من الصحراء) وإن إقتصرت على مؤلَّف واحد لا تزيد صفحاته عن 200 صفحة من القطع المتوسط , إلا أن هذا المؤلَّف لم يكن سوى إطلالة أولى وضوء من مشروع متكامل إختمر في ذهن الأمير محمد يستهدف البحث المتأني والعميق لأوضاع قبائل البادية من خلال نماذج متميزة من رجالاتها الذين كان لهم دور متميز في الحياة وحضور كبير بين قبائلهم ولدى القبائل الأخرى . وتعكس هذه النماذج صوراً حية عن حياة البادية وعلاقات القبائل بعضها ببعض .

هذه لمحات عن كتاب يضاف إلى انجازات أدبية تتكئ على مساحات عمق الجزيرة العربية فناً وأدباً وفق مؤلفه في القاء الضوء على هذه الشخصية وإعطائها بعض الحق , وقد جاء الكتاب في حوالي 470 صفحة من القطع الكبير مزوداً بالصور الفوتوغرافية للأمير محمد السديري مع شخصيات سياسية عربية وصور أسروية واخوانية مع عرض شامل للفنون الشعرية التي مارسها في شعره المميز .

المصدر جريدة الرياض الأحد 4 ربيع الأول 1419هـ الموافق 28 يونيو 1998م العدد 10961

 

الأمير عبد الرحمن الأحمد السديري

الأمير عبد الرحمن السديري الإنسان الذي عاش محباً للعلم والأدب والشعر

عرف عنه الحنكة والتواضع وكسب القلوب والعقول بالحكمة واحترام الإنسان

 لمحة تاريخية :

ولد في الغاط سنة 1338هـ , وتلقى تعليمه على يد الشيخ عبدالمحسن بن عبدالعزيز بن منيع ومن بعده الشيخ سلمان بن عبدالله بن إسماعيل , ونشأ في غمرة أحداث بناء الدولة السعودية على يد موحدها الملك عبدالعزيز آل سعود – رحمه الله – وتولى إمارة منطقة الجوف في الخامس من رمضان لعام 1362هـ وهو في الرابعة والعشرين من عمره , واستمر في هذا المنصب حتى تقاعد في 1- 7- 1410هـ وفي أثناء فترة إمارته في الجوف قام بتمثيل حكومة المملكة العربية السعودية في اللجان التي شكلت لمعالجة مسائل الحدود ومشاكل القبائل السعودية والعراقية وذلك فيما بين 5 – 7 – 1368هـ وحتى 12 – 11 – 1375هـ كما تولى إدارة مفتشية الحدود الغربية وإمارة القريات بالوكالة .

حنكة وتواضع وحلم :

يتكلم الذين عرفوا الأمير عبدالرحمن وعملوا معه عن حنكته وتواضعه وحلمه , وعن فعالية أسلوبه في معالجته للأمور العامة وتفانيه في سبيلها , وعن نذره كل وقته للعمل وفتحه مكتبه ومجلسه للمواطن والمقيم دائماً دون قيود , وعن نهجه في كسب القلوب والعقول والحكمة واحترام الإنسان والمحافظة على حقوقه أيا كان , ويصف هذا الحال الدكتور أحمد اللهيب في عرض تعليق له على ديوان (القصائد) الذي ضم مجموعة من أشعار الأمير فقال :

المهم الذي لم أقرأه حسب اطلاعي المحدود في الشعر الشعبي إلا لهذا الأمير هي الناحية السياسية الاجتماعية بينه وبين رعيته والمجتمع الذي هو أمير عليه , فهو يشكو من ألم فراق ذلك البلد وأهله اذا سافر عنهم ويرسل لهم القصائد العاطفية كأنما يرسل لأبنائه ولا يخص أحداً دون أحد ويجيبونه بالمثل , فأهل الجوف في مساجلات شعرية ودية مع أميرهم في حين أن كثيراً من البلدان مشغولون بالمساجلات الخلافية والحق يقال إن هذه الناحية السياسية الهامة فريدة جداً وهي صفة فعالة ناجحة استطاع الأمير من خلالها أن ينتقل من قصر الإمارة ولغتها إلى عطف الأبوة وشفقتها والمجتمعات في أزمة من هذا النوع .

محب للعلم

وعرف الأمير عبدالرحمن بحبه للعلم والزراعة والرياضة واهتمامه بتراث المنطقة إلى جانب اهتمامه بنهضتها ورقيها . وتعكس مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية التي صدر بها الأمر الملكي الكريم رقم أ – 442 وتاريخ 9 – 9 – 1403هـ الأهمية التي يوليها الأمير لنشر الثقافة والعلم في منطقة الجوف فقد كان الغرض الأساسي من تكوين مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية هو تولي ادارة وتمويل مكتبة (دار الجوف للعلوم) التي كان الأمير المؤسس قد وضع لبناتها الأولى سنة 1383هـ وسعى لأن تكون بمجموعتيها العامة والخاصة مركزاً للدراسة والبحث والنشر يسهم في يث الثقافة في منطقة الجوف ونشر الدراسات المتعلقة بها وحفظ تراثها الأدبي والأثري . وقد حرص الأمير على أن تكون الدار مكونة من مكتبتين متماثلتين مكتبة عامة للرجال وأخرى عامة للنساء هي أول مكتبة عامة نسائية في المملكة العربية السعودية   

حثة لطلب العلم

وفي مجال التعليم عني الأمير بمتابعة افتتاح المدارس في منطقة الجوف وحث المواطنين سواء كانوا من أهل الحاضرة أو أهل البادية , على الحاق بنيهم وبناتهم في هذه المدارس ومتابعة تحصيلهم العلمي فيها , وفي سبيل مساعدة أولياء الأمور على تقبل تعليم البنات وتفهمهم له حث معاليه كريماته على العمل في أول مدرسة للبنات افتتحت في الجوف وبادر في لقاءاته مع المواطنين بالحديث عن فائدة تعليم البنات والتأكيد على أهميته مما كان له أثره في تلك المرحلة المبكرة من مسيرة التعليم في المنطقة .

التشجيع على الاستيطان

كذلك حرص الأمير على تشجيع أهل البادية على الاستيطان , وشارك في اقتراح المشاريع التي تسهم في تحقيق هذا الهدف , ومن ذلك على سبيل المثال مشروع توطين البادية في وادي السرحان , ادراكاً منه لأهمية تحضر أهل البادية وتمكينهم من تعليم أبنائهم وبناتهم وتحولهم إلى مصالح وأعمال توفر قدراً أكبر من استقرار الحال ورغد العيش , ويعكس وعي الأمير بهذا الجانب واهتمامه به مسابقة المزارعين التي بدأها عام 1385هـ وخصصها في بادئ الأمر لحديثي الاستيطان من أهل البادية ثم عممها لتشمل كل مزارعي المنطقة , وأرادها أن تكون من خلال الجوائز والمعلومات التي تقدم فيها وسيلة لتعريف المستفيدين من المسابقة بوسائل الزراعة الحديثة وتقنياتها المتجددة وتعد مسابقة المزارعين بالجوف أول برنامج منظم للمسابقات الزراعية بالمملكة كما بدأ الأمير منذ 1385هـ بتنظيم سباق للهجن بالمنطقة كان هدفه الأول منه جمع أهل المنطقة في هذه المناسبة للجلوس معهم والاستماع اليهم ومعالجة بعض الظواهر التي تؤثر فيهم والمسائل التي تهمهم وخلق جو من التآلف والتعاون يسمح بتنامي العلاقات الاجتماعية والاقتصادية بينهم إضافة إلى تشجيع أبناء المنطقة على الاحتفاظ بسلالات الهجن الأصيلة التي يملكونها والمحافظة على هذه الرياضة العربية القديمة التي يحبونها ويعد سباق الهجن أول سباق منظم للهجن يقام في المملكة ويرافق هذا السباق اقامة معرض للسجاد والمنسوجات التي تصنعها أيدي نساء بادية المنطقة استهدف منه الأمير التعريف بهذه الصناعة المحلية ودعم المهتمين بصناعتها من خلال الجوائز التي توزع فيها وسوق البيع المصاحب لها , وقد ساهمت المعارض العديدة التي اقيمت لهذا الغرض في استمرارية هذه الصناعة التراثية المميزة وتطورها .

محب للشعر والأدب والتاريخ :

والأمير عبدالرحمن بن أحمد السديري شاعر مرهف يحب الأدب والتاريخ والتراث ويعشق الفروسية بكل معانيها صدر له (ديوان القصائد) مكتوباً ومسجلاً , كما صدر له كتاب عن تاريخ منطقة الجوف هو كتاب (الجوف وادي النفاخ) وترجمته باللغة الإنجليزية وقد خصص الأمير ريع هذه الكتب لصالح مؤسسة عبدالرحمن السديري الخيرية لتوظيفه فيما تنفذه المؤسسة من أعمال خيرية بالمنطقة . 

المصدر جريدة الجزيرة صفحة (متابعة) بتاريخ الإثنين 27صفر1427هـ الموافق 27مارس 2006م العدد 12233

 

الأمير مساعد الأحمد السديري

ولادته ونشأته :-

ولد رحمه الله عليه في عام 1339هـ في الغاط ونشأ في كنف والده ينهل منه المعارف والقيم وما يتسنى له من التعليم في ذلك الوقت المبكر والعصيب كبقية أخوته وفقد حنان والدته التى توفيت وهو طفلاً وإعتنت به شقيقته الكبيرة (شيخه) . عندما توفي والده عام 1354هـ كان في أول شبابه و قد عرف المسئولية يافعاً . وقد تكلم عن ذلك رحمة الله عليه قائلاًَ : ولدت وترعرعت في مدينة الغاط مع إخوتي وزرع والدي ـ رحمه الله ـ فينا حب الله والإيمان والإستقامة والأخلاق الفاضلة ، وكان شديد الحرص على أدائنا لواجبات الله على أكمل وجه، وحيث لم يكن هنالك مدارس في ذلك الوقت تعلمنا القراءة والكتابة في الكتاتيب وحفظنا عدة أجزاء من القرآن وأمور الدين على يد الشيخين الفاضلين عبد المحسن بن منيع وسليمان بن إسماعيل الذي لايزال على قيد الحياة [ وقت المقابلة] ولم ينسى والدي ان يعلمنا الرماية وركوب الخيل ، وانصهرنا في بوتقة ذلك المجتمع الصالح الذي لايعرف الإنحرافات ولا الخداع والزيف كان مجتمعا صالحا بما تعنيه هذه الكلمة من معنى وكان مجتمعا مثاليا في كل شئ. ولهذا نجد رجالات ذلك الوقت من اكفأ رجالات الدولة ومن اصلح الناس سلوكاً بالرغم من قلة تعليمهم ، وقد أثرت فينا هذه الفطرة الصالحة وعشنا سعداء ولم نكن ننظر للماديات بمنظار اليوم.

حياته :-

لقد قال الدكتور  عبد الرحمن الشبيلي الإعلامي المعروف وعضو مجلس الشورى السعودي .. الأمير مساعد، رحمه الله ولد في محافظة الغاط ، وهي موطن أسرة السديري منذ ما يزيد على مائتي عام، وتعلم في كتاتيب البلدة في محيط كان منهمكاً مع الأسرة المالكة السعودية في جهود عسكرية وتنموية متواصلة لبناء الكيان السعودي، ولهذا فإنه لم يتمكن من الحصول على قدر من التعليم الحديث، ذلك أن المدارس النظامية لم تفتح في اقليم نجد ـ وسط شبه الجزيرة العربية ـ الا في منتصف الثلاثينيات الميلادية، لكنه كإخوانه عوض ذلك بتلقِّي بعض الدروس الخصوصية، وبحضور حلق العلوم الشرعية، والالتحاق بالكتاتيب، وبتطوير وتثقيف نفسه بنفسه ذاتياً. ولقد ذكر الباحث خالد الحسياني .. لقد شهد مراحل مهمة من تاريخ المملكة العربية السعودية كانت مليئة بالأحداث والمواقف التى ساهمت في بناء شخصيته وصقل مواهبه وتوسع مداركه وسعة إطلاعه فأصبح متطلعاً للمستقبل حامل هم البناء ومتابع له لحظة بلحظة ، كما أنه إستفاد كثيراً من ملازمته لشخصيات عظيمة وعلى رأسهم جلالة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه وأبناءه ووالده  الأمير أحمد بن محمد السديري وأبناءه ، والكثير من الشخصيات البارزة فى عهد نشأته من زعماء وأمراء وعلماء وسفراء وشخصيات علمية مختلفة .

مسئولياته :-

عمل في الدولة متقلداً ثلاثة مناصب كان الأول منها في عهد الملك عبد العزيز كأمير لجيزان بين عام 1367هـ , 1372 وعمل بشكل متوازي بين تثبيت هيبة الدولة وتصريف شئونها العامة من جهة وفي نفس الوقت الحرص على كل ما فيه خير ومنفعة لأهل مدنها وقراها , وقد أنهى مشكلة خط الموسم الحدودي بين المملكة العربية السعودية وحكومة اليمن والتي استمرت مدة ثلاثة عشر عاماً وكلفت الحكومة السعودية الشيء الكثير . وقد ذكر فى مقابلة صحفية : عملت في جيزان خمس سنوات وسبعة أشهر وأنجزت فيها ولله الحمد كثيرا من الأعمال ، اهم عمل قمت به هو انهاء قضية [ الموسم ] وذلك بمشاركة الشيخ محمد البيز مندوب الملك عبد العزيز، كما أنه على يدي تم ايصال الكهرباء والماء وكثير من الخدمات الى جازان .

كان الثاني منها أميراً على تبوك في عهد الملك سعود وثبت في أول جماد الثاني من عام 1375هـ إلى صيف عام 1390هـ, وقد أصبحت تبوك في تلك الفترة مدينه عسكريه مهمه بفضل جهود وزارة الدفاع ممثله بوزيرها صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز أطال الله فى عمره عندما بداء العمل على إنشاء المدينة العسكرية والقاعدة الجوية فيها ، وقد حصلت على نصيبها الوافر من التطور والتقدم حسب الإمكانيات المتاحة في ذلك الوقت , ونهضت نهضةً مباركة شملت جميع المجالات ، وقد تم إفتتاح الطريق الذي يربط المدينة المنورة بتبوك في بداية إمارته هناك  ويعد ذلك الطريق من أول الطرق المسفلتة في المملكة العربية السعودية ، وقد بدأ العمل فى إنشائه  عام 1373هـ .

كان الثالث في عهد الملك فيصل كأول سفير للملكة في اليمن بعد إنقضاء الحرب وعودة العلاقات بين البلدين منذ عام 1392هـ إلي شهر ربيع الثانى من عام 1398هـ الموافق شهر أبريل عام 1978م  لخاصية الزمان والمكان ولخبرته بالشأن اليمني عندما كان أميراً في جيزان , وقد عمل على تثبيت سياسة المملكة المتمثلة  بردم تداعيات سنوات الحرب على اليمن والتوجيه والأشراف على الدعم الإنمائي السعودي  لليمن .  أتجه بعد ذلك لأموره الخاصة ورعاية أسرته والإقامة بين الطائف والغاط ومكة المكرمة والرياض وقد أهتم بالزراعة ،  حاصل على وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى وعلى وسام مأرب من رئيس الجمهورية اليمنية .

مناقبه وخصائصه :-

كانت أريحيته وحبه لقضاء حاجات الآخرين تتدفق بشكل عفوي ولديه غريزة فطرية للإحسان وبذل المعروف بين الناس محباً للخير صادقاً صافي السريرة  كان يعمل بصمت ويساعد بصمت . يقول الشعر ولكنه ليس من المكثرين ولديه ملكة الحفظ على صدره ويروي الكثير من القصص والأشعار . لا ينقطع عن إستقبال الناس يومياً وفي أي مكان كان يشاركهم غداءه وعشاءه . ذو شفقه وعطف على المحتاج وعابر السبيل حريصاً على أداء صلواته مع الجماعة .

ذكراه :-

لقد قال المرحوم الشيخ سالم بن عيد بن حرب كان الأمير مساعد يشارك أبناء منطقة تبوك أفراحهم وأتراحهم ، وقال حبيب العازمي عن الأمير مساعد السديري .. إستفدنا من سيرته الإدارية عبر تولي إمارتي جازان وتبوك وكيف كانت القصص الخالدة في العدل والعمل الدؤوب ، فالمسئولية عن إدارة مدن بمواطنيها ودوائرها الحكومية أمر ليس بالسهل ويحتاج إلى معادلة متوازنة بين اللين ورباطة الجأش . وأردف قائلاً .. عندما نقلب في صفحات تاريخ هذا الرجل هذه الصفحات ناصعة البياض نجد مواقف كثيرة وأحداث تدل على كرمه وسمو أخلاقه وحبه للخير كيف لا وقد وقف مع أحد أفراد قبيلتي في جاهيه ودفع مبلغ لإعتاق رقبة أبان إمارته لمنطقة تبوك وهذا الموقف الإنساني إن دل فإنما يدل على حبه للخير وشهامته الأصيلة ولا غرابة في ذلك أبدا فهذه القيم والصفات الحميدة يستمدها المؤمن من ديننا الحنيف. والجميل أيضاً أن يورثها الأباء لأبنائهم والمقربيين منهم .. وقال أيضاً الباحث خالد الحسياني .. كان رحمه الله يطرب لصور الوفاء والشهامة حينما يدور الحديث عن من تسابقوا في ميادين المجد وحفروا بذاكرة التاريخ ما أغنى مداركه , يعشق الاستماع لكل جليل وجميل يجود به الحاضرون وكان يشاركهم الرأي ويتفاعل مع ما يقولون ويجود عليهم بالأخبار والقصص والأشعار .

وفاته :-

توفى يوم الإثنين 25 صفر 1426هـ الموافق 4 أبريل 2005م في مستشفى القوات المسلحة بالرياض وصلي عليه في جامع الأمام تركي بن عبد الله بالرياض ودفن بجوار والده وإبنه أحمد في محافظة الغاط حسب وصيته .

 المصدر موقع الأمير مساعد بن أحمد السديري

جمع وإضافة متعب خالد السديري

 

الأمير سليمان الأحمد السديري

ولادته ونشأته

ولد في عام 1340هـ ونشأ في المجمعة عند أخواله أسرة آل مزيد وكان ينتقل ما بينها وبين الغاط حيث يقيم والده وحصل على قسط وافر من التعليم المتوفر في ذلك الوقت .

مسؤلياته

كان رحمه الله عزوفاً عن العمل الحكومي بإستثناء عمله كمساعداً لأخيه خالد عندما كان أميراً للدمام والقطيف والظهران في عام 1363هـ واستمر في ذلك العمل لمدة قصيرة حوالي الثلاثة أشهر ومن ثم تركه , وقد تعرض المستشار والرحاله والمؤرخ عبد الله فلبي لذكره عندما قابله بالقرب من تيماء وهو برحلة برية برفقة صاحب السمو الملكي المرحوم الأمير عبد الله الفيصل وزير الداخلية آنذاك , وقد كان قريباً من الملك فهد طيب الله ثراه وأشقائه

شخصيته

كان رحمه الله ذو شخصية مميزة جداً يتمتع بحب الآخرين فكل من عرفه يحرص على إستمرار الإلتقاء به لما له من خصائص فريدة كسرعة البديهة وقوة الندرة وطيب المعشر وعدم التكلف .

هواياته

كان يهوي الصيد بالصقور والرحلات البرية والسياحة الخارجية .

وفاته

أنتقل إلى جوار ربه عام 1398هـ عن عمر يناهز الثمانية وخمسين عاماً ودفن في مدينة الرياض .

 المصدر متعب خالد السديري

 

الأمير بندر الأحمد السديري

ولادته ونشأته :

ولد فى بداية الخمسينات الهجرية وتوفي والده فى شهر ذو القعدة من عام 1354هـ وهو طفلاً صغيراً فعاش يتيماً كوالده .

تعليمه :

 درس في مدرسة الغاط أواخر الخمسينات (الهجرية) فيما يُسمى مدارس الكتاتيب , ودرس على عدة مشايخ منهم فضيلة الشيخ سليمان بن محمد بن إسماعيل , والشيخ صالح بن سعود الصالح , والشيخ عبد المحسن بن محمد بن منيع ... وغيرهم – يرحمهم الله – و تعلم القرآن الكريم قراءة وحفظاً , وتعلم الكتابة وحسن الخط . وكان عدد الطلاب يقارب الثلاثين طالباً . عندما إنتقل إلى الرياض إلتحق بمدرسة الأمراء بجوار قصر الحكم بالديرة ، بعدها إنتقل إلى  "مدرسة السناري" في حي الحنبلي المجاور , وُعدَّت المدرسة ذات نزعة حداثية في ذلك الوقت نظراً للدروس المتنوعة التي تُعطى للتلاميذ مثل : الخطابة , الأشعار الحماسية , الحساب , التاريخ والعلوم الدينية . أمضى عامين دراسيين في هذه المدرسة ثم تم انتقاله لتلقي بعض الدروس الخصوصية مع أبناء سمو الأمير ناصر بن عبد العزيز الذى شغل منصب أمير الرياض في حينه – خالد , عبد الله وفهد – يرحمهم الله – امتدت هذه الدروس لعدة أشهر بعدها حصل "بندر" على فرصة الإبتعاث إلى لبنان .وكان يحرص بعد قدومه إلى الرياض على الاطلاع على الكتب المتاحة , في ساحة "الصفاة" مركز المدينة الأكثر إزدحاماً بالناس والأسواق . وفى في 4 أكتوبر 1954م وصل للدراسة فى القاهرة .

شخصيته :

تركت زياراته لإخوته في الجوف , تبوك وعرعر إلى جانب القريات.أثناء الإجازات المدرسية في لبنان , نظراً لقرب المسافة  بصمة واضحة على شخصيته . قال أحد أصدقاء الدراسة فى لبنان يظل الوفاء من شيمه التي لا أنساها ... " وأضاف لقد أحب القراءة والمجادلة وفضح الزيف . وقد كتب عنه تركي بن خالد السديري في جريدة الشرق الأوسط بعد وفاته قائلاً : " لقد حافظ – رحمه الله – من جانبه على موقعه بين أصدقائه وما أكثرهم وكأن بينه وبينهم شعرة معاوية , فعوامل المكان والزمان لم تؤثر في تواصله معهم , لما يحمله فؤاده من محبة ومودة لكل منهم , فبادلوه حباً بحب . ومن أهم العوامل التي مكنته من الاحتفاظ بهذه الحلقة الواسعة من المحبين والأصدقاء حوله , صفة الوفاء المتناهي في طبيعته وشخصيته العامرة بالمودة الخالية من شوائب الحياة ومكدراتها التي نعانيها جميعاً خلال أيامنا المحسوبة في هذه الحياة . كما أن ما وهبه إياه الله من جاذبية شخصية وعفوية مطلقة على مستوى التعامل مع الآخرين كان لهما أبلغ الأثر في عدم تمكن أيٌ كأن من أن يجد نفسه يبتعد عنه قليلاً , إذ إنه يعود أدراجه إليه لا شعورياً , منجذباً نحوه من جديد "

حياته :

بدأ العمل التجاري في عام 1965م  بإستيراد بضائع من خارج المملكة ومن ثم إنشاء بعض المشاريع الإنتاجية والخدمية وكان يهوى المشاريع الزراعية بشكل خاص وأتجه إلى أعمال التشغيل والصيانة . وقد قضى كل حياته فى إدارة أعماله الخاصة وكانت الزراعة من أبرز هواياته.

شاعريته :

أتيحت له في نهاية الأربعينيات الميلادية وبعد أن توقف عن مواصلة الدراسة في مدرسة السناري , أن يقوم بزيارة لأخيه عبد العزيز في القريات ( شمال غرب المملكة ) . وقد أمضى هناك عدة أسابيع , وكان أبرز سمات تلك الفترة , إكتشافه لشاعريته التي ستجعل الشعر من أهم معالم شخصيته وقد كتب عدداً من القصائد فى سنوات حياته .

وفاته :

توفي في 25/5/2003م الموافق 24/3/1424هـ  بعد صراع مع المرض دام خمسة سنوات ودفن بالرياض .

المصدر كتاب بندر بن أحمد السديري إنساناً وشاعراً تأليف : نايف بن بندر السديري