ما قيل عنه

في ذكراه

في جائزته

الدراسات والبحوث

الرثاء

[الرثاء]

 

تنعى المملكة العربية السعودية رجلاً من رجالاتها البارزين هو معالى المغفور لة الأمير خالد بن أحمد السديري الذي إنتقل إلى رحمة الله تعالى صباح أمس في مدينة نيويورك وهو تحت العلاج من مرض ألم به عن عمر يناهز الخامسة والستين . وكان الفقيد رحمه الله يتمتع بالحكمة والشجاعة وحسن التصرف والتضحية وكانت حياته مليئة بالانتاج المستمر لخدمة دينه ووطنه ومليكه . ومع الخسارة الجسيمة بفقده فإن ذكراه ستبقى حية إلى الأبد وإنا لله وإنا اليه راجعون .

في تاريخ

 3/1/1399هـ

 

لم يكن المرحوم خالد بن أحمد السديري وجهاً إجتماعياً ترك مكانه فأحدث فراغاً بين المحيطين به ولكنه واحد من أبرز جيل الرواد الذين بنوا هذا المجتمع وشاركوا قيادته في ترسيخ دعائم الأمن ورد أطماع الغزاة وتثبيت قواعد التعامل في الحكم الإدارى وفق شريعة الله وفضائل أخلاقيات المجتمع العربى .. وقد عاش حياته شاباً فرجلاً ثم شيخاً دون أن يعرف فرصة للراحة أو المتعة بل وطن كل طاقاته لخدمة بلاده ومجتمعه من خلال تعليمات قيادته فكان واحداً من أبرز القادة الذين أوكل إليهم المغفور له الملك عبد العزيز مهمات إستتباب الأمن وصيانة توحيد المملكة .. ثم عمل حاكماً إدارياً في مختلف أنحاء المملكة فكان مثالاً جيداً للحاكم الحازم ولرجل الرأي الحصيف مما أعطاه مكانة خاصة عند المغفور له الملك فيصل رحمه الله إذ كان يوكل إليه المهمات الدقيقة ذات العلاقة بصيانة الحدود أو معالجة المشاكل القائمة بين القبائل وكان رحمه الله دائماً يبرز وهو الرجل القادر على مواجهة جميع التحديات بصبر المتمرس وحكمة المتأني متمسك دائماً بعزوفه عن الظهور رغم تحمله الكثير من المشاق وهو يؤدى ما يوكل إليه من مهمات إذ لم يعرف حياة العمل وهو مستقر في مسئولية واحدة ولكن كان دائماً يمثل رجل المسئوليات المتعددة الذي يضع نفسه جاهزاً لأداء أي مهمة ومواجهة أي معضلة . ولقد ترك آثار شخصيته الجادة على تربية أبنائه عندما علمهم الإعتماد على أنفسهم دون أن يتخذوا من نجاحه طريقاً لنجاحهم بل غرس فيهم حب العمل والسعى الجاد نحو التحصيل العلمي والتفوق .

الرياض

3/1/1399هـ

 

وفاة معالي الأمير خالد بن أحمد السديري

إنتقل إلى الرفيق الأعلى صباح أمس بنيويورك المغفور له معالي الأمير خالد بن أحمد السديري بعد حياة حافلة بالجهاد والأعمال الوطنية . وقد كان الفقيد الكريم يعالج بالولايات المتحدة الأمريكية من مرض ألم به وشاءت إرادة الله أن يقضى نحبه . وقد نعت المملكة أمس رجلاً من رجالاتها البارزين وقد كان الفقيد رحمه الله يتمتع ويتصف بالحكمة والشجاعة وحسن التصرف والتضحية وكانت حياته كفاحاً مستمراً لخدمة دينه ووطنه ومليكه .ومؤسسة المدينة للصحافة ، تشارك الأمة مصابها وترفع تعازيها للعاهل المفدى وأسرة الفقيد والشعب العربى السعودى فإن الخسارة بفقده جسيمه ولكن عزاءنا أن الفقيد ترك وراءه ذكراً حميداً سيخلد ذكره دائماً . وإنا لله وإنا إليه راجعون .

المدينة

فى 3/1/1399هـ

 

وسمعت إذاعتنا تنعى بإسم الحكومة .. الأمير خالد بن أحمد السديري توفاه الله في نيويورك . فقد عالجه المرض شهوراً عدة حتى إذا حل الأجل عاجله الموت مصير كل حي . الأمير خالد لم أكن أعرفه . عرفته أنه الخيار من خيار . فقد حدثنى عنه كثير من الأصدقاء الذين عرفوه وأطمأنت نفسى إلى الثناء عليه ، لم أكن أعرفه حتى عرفنى هو بنفسه . لعلها كانت مصادفة ولعلى إعترفت حيث جلست إليه أن ترحيبه بى كان عمداً منه لأسباب كانت ترجف بى .. عشتها أيام مخافة ، فأخذني إعتقاد بأنه ما قربنى إليه يتبسط في الحديث معى إلا ليعرف ما عندى ، وإلا لأعرف منه ما سكنت إليه نفسى فهو يرحمه الله – أعرف ويعرف مصادره وموارده .. فلقد كان الأرجاف الذي أحاط بى من كلمة قالها صديق كبير لي يحدثنى بما تبرع به عشير .. كنت أحسبه الصديق فإذا يرزأنى بإتهام قد يجرنى إلى هلكة .. قال لي الصديق الكبير ذلك فقد أطلق عليه من لا يأخذ الكلام على عواهنه . فكأنه حين أخبره أراد أن يختبرنى .. كنت أعيش هذه المخافة فإذا بالأمير خالد السديري بما أقبل علي به .. بعث السكينة في نفسي ، فذهب الأرجاف تساق إلى بعده الطمأنينة يتناولني بها كابر عن كابر . من هنا كان الأمير خالد السديري صاحب فضل علي ولم يقتصد ذلك اللقاء على تلك اللحظة . بل أمتد اللقاء بينى وبينه في كثير من المرات . أشعرنى بالصداقة والصدق .. وآخر مرة رأيته كان في وزارة الدفاع ومعه أخواه الأمير محمد والأمير مساعد .. قربنى إليه وتحدثنا في كثير من الأمور صعبها وهينها .. حتى إذا أنشدت بيت أحمد شوقى يصف الأهرامات :

هى من بناء الظلم إلا أنه              يبيض وجه الظلم منه ويشرق

فأخرج ورقة وقلماً يكتب هذا البيت .. فقد إستطابه فلما نهض ودعته كما ودعت أخويه . لقد كان أميراً عظيماً ساهم فى بناء الأمن .. وفي توطيد الحكم .. ترمى به المهمات سواء كان أميراً في الشمال أو أميراً في الجنوب . أتقدم بالعزاء إلى كل من يتقبل العزاء فيه .. وإلى كل أهله وكل بنيه .

محمد حسين زيدان

4/1/1399هـ

 

نعت المملكة قبل أيام ونعى معها آل السديري رجلاً من رجال المملكة الأفذاذ وركناً من أركان هذه العائلة الكبيرة هو المرحوم الأمير خالد بن أحمد السديري . حيث إنتقل إلى رحمة الله . ولقد إلتقيت بالمرحوم في عام 1382هـ على صعيد العمل الحكومي وفي تلك السنة كانت بداية معرفتى به فرأيت فيه ومن خلال العمل رجلاً متعدد المواهب كبير التجربة عميق الجذور في الأصل والمعرفة قوي الرأي حاد التطلع . بعيد النظر . وعندما إمتدت المعرفة به رحمة الله عليه سنوات تلت وإتصلت العلاقة بالعمل عرفت فيه منطلقات جديدة منها : حرصه الشديد على كل ما يتصل برفعة شأن المملكة وأمنها وتقدمها وتطورها وتكامل روح القيادة والإدارة في شخصيته بما قد تلائم مع الدور الذي كان يتطلع به ضمن إطار أعماله ومسئولياته . كريم شهم شجاع شديد العزم على مواجهة الصعاب وتذليل العقبات ومن عرف هذا الرجل غير عرف أن كل هذه الصفات لا تجتمع في إنسان بسهولة ويسر فهى كما قلت في مستهل هذه الكلمة المتواضعة في حقه إنه صاحب جوانب كثيرة من المواهب والقدرات وكان بودى الإسهاب في ذكر ما يستحقه من تقدير وإكبار مدللا ببعض ما شاهدت له من مواقف وأعمال طيلة السبعة عشر عاماً الماضية التى عملنا فيها تحت إدارة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن عبد العزيز فضلاً عما يعرفه غيرى في فترات سابقة لتلك السنين مما تناولته بعض الأقلام المخلصة في حقه إلا أنني أعتقد أن من الإيجاز والإنجاز في مسيرة حياة فقيدنا الكبير ما تغنى عن ذكر مناصبه وأعماله . وعزاؤنا فيه أنه قد ترك أثراً ورسم صوراً مشرفة من الإخلاص لبلاده والكفاح من أجلها يقتدى به فيها .

مصطفى محمد على إدريس

28/1/1399هـ

 

لعملك ما الرزية فقد مال              ولا شاة تموت ولا بعير

ولكن الرزية فقد شهم                 تموت بموته خلق كثير

استشهد بهذين البيتين وقد فقدت البلاد وطنياً شهماً وفقدت الدولة به لبنة قوية . وفقدت به الأسرة رجلاً عظيماً .. إنه معالي الأمير الراحل – خالد بن أحمد السديري- هذا الرجل الذي نقول بكل فخر أنه جندى باسل في كل حرب خاضها بشجاعة وبطولة .. ونقول إنه قائد محنك في السياسة في سائر الظروف التى مرت على الدولة .. رأى فيه الملك عبد العزيز هاتين الصفتين جندياً وسياسياً .. فخاض المعارك السياسية والعسكرية بروح لم تنهزم . وعزم لم ينفصم .. وفكر ثاقب . ورأي صائب ... في كل سبيل سلكه وفي كل طريق مر به ثم رأى فيه خلفاء الملك عبد العزيز نفس الصفات والسمات فكان في كل ثغر مخوف .. ولا يخشى الخوف ... مات الأمير خالد .. وكان إلى آخر يوم من حياته .. وهو في السياسة بطلها .. وفي الإمارة رجلها .. أتى (نجران) قرية من القرى فنمت حتى أصحبت بعمرانها .. وإنقلبت بنهضتها جنة وارفة الظلال بما فيها من الإزدهار في السكن والطرق وسائر المعارف وفي جميع المرافق العسكرية أو إصلاحية وكان الأمير خالد لصلابة رأيه ونزاهة خلقه وصدق دينه مع كل خير .. ولكل ناصح ... ولكل صاحب دين قوة ومعيناً .. يلتف حوله الأخيار ويصلح له الأشرار . وكان الأمير خالد أديباً . أديباً يقرض الشعر بنوعيه العربى الرصين .. والشعبى المتين .. وفي كليهما له مقام ومكان ولقد قال لى علامة سدير وقاضى المجمعة عبد الله العنقرى رحمه الله . ما حادثت رجلاً أديباً ولا باحثاً مطلعاً في اللغة ومضطلعاً بآدابها ... إلا ووجدت ثغرة أنفذ منها إلى ضعفه في علمه وجرحاً في مادته إلا خالد السديري فقد كان أديباً حقاً في اللغة وآدابها وقواعدها والتواريخ وحوادثها .. وكان الشيخ (يوسف يسن) رحمه الله يحسب حسابه في مباحثته ولا يقدم على موضوع سياسى بحضور الأمير خالد إلا ويستشيره في التعبير ولولا ما أشغله من الشئون والأعمال .. وما ألهاه من مهام الدولة لرأينا فيه أديباً عبقرياً ويكفينا من – خالد – وقد أخذ من العمر نصيباً موفوراً وحظاً كبيراً أنه خلف ذكراً حميداً وتاريخاً عاطراً وفوق هذا وذاك فقد كان من نجابة إلى ذراها .. وفي الكرم والمكارم في علياها ثم أنه إن غادرنا بجسمه فمعنا وفي قلوبنا وإن له من الإخوان الأماجد من هم في مجتمعنا عزة .. وله من الأبناء من هم الثغور حماة وفي دوائر الدولة أباة .. وفي المجتمع السعودي والعربى عموماً رجالاً أبطالاً في كل صلاح وإصلاح في كل ميدان فأقدم التعازي لجلالة الملك القائد خالد ولسمو ولى العهد الرائد فهد وإلى جميع رجال الدولة مقدماً تعزيتى القلبية إلى إخوانه الكرام عبد الرحمن ومحمد ومساعد وبندر وإلى أبنائه الأماثل وفي مقدمتهم مساعد وفهد وتركي ومحمد والله يرحمه ويعوضنا عنه خيراً وأسكنه الله فسيح الجنان .

عثمان الصالح 

 24/1/1399هـ

 

في غمرة الأمس والحزن العميق عندما نودع فقيدنا الغالى معالي الأمير خالد بن أحمد السديري أجد أنني عاجز عن كلمات التعبير الي تليق بمقام هذا الرجل الذي عرفته عن قرب . فقد عملت إلى جانبه خلال 17 عاماً مضت وإلى أن توفاه الله برحمته ويعتبر من رجالات حكومتنا الرشيدة البارزين . بخدماته الجليلة وتضحياته الكبيرة وكان شجاعاً في رأيه وصارماً في عمله وحكيماً في تصرفه ومحباً لعمله وأمته ووطنه وصادقاً وأميناً فيما يقوله ويعمله . تقلد مناصب قيادية في الدولة وفي ظروف مختلفة أعطت ثمارها في مدة تنوف على خمسين عاماً أمضاها في خدمة المجتمع وكان مثلاً للإخلاص والتضحية في سبيل تحقيق الأهداف السامية النبيلة لحكومتنا الرشيدة وكان صبوراً ومثابراً وذا جلد على تحمل المشاق والمتاعب فقد عمل أميراً لمنطقة جيزان أبان الحرب العالمية الثانية فأميراً للمنطقة الشرقية ثم مستشاراً لجلالة المغفور له الملك عبد العزيز ثم أمير لمنطقة تبوك ثم وزيراً للزراعة .. وخلال السبعة عشرة عاماً الأخيرة في حياته كلف بالإشراف على إمارة منطقة نجران ومسئول عن شئون تلك المنطقة في ظروف كلها معروفة لدى المواطن السعودي وكانت تضحياته وشجاعته وصموده وقدرته ومواهبة وخبرته خير عون له على تحقيق خدمة مصلحة البلاد وقد إكتشفت كما إكتشف غير الصفات الحميدة التي كان يتميز بها فقيدنا فهو أديب مع الأدباء وشاعر مع الشعراء ولكنه لا يحب التظاهر ويميل إلى حياة التقشف والبساطة . وتغمره السعادة عندما تتاح له فرصة اللقاء مع رجال البادية في مواطنهم وبين مواشيهم . ويعشق الزراعة . ويحث البادية للإحتفاظ بثروتهم الحيوانية . وصفاته الحميدة المتعددة أكسبته تقدير وحب المجتمع فهو ضليع في عمله وسعة إطلاعه وله نظر بعيد في تقديره للنواحي السياسية إلى جانب ذلك كله ودود وقريب إلى نفس الذين تعرفوا عليه وله شخصية قوية ومؤثرة . ومن أعماله التي تسمح الظروف بالتحدث عنها مساهمته في تخطيط ونهضة مدينة جيزان ثم مدينة الخبر والدمام والظهران وتبوك وأخيراً المدينة الفيصلية بنجران التي سعى لإنشائها وتحويلها من أرض جرداء إلى مدينة نموذجية وبالتالى مدينة شرورة وساهم مساهمة فعالة بالتعاون مع الوزارة المختصة في الدولة وبتوجيه ودعم من صاحب الجلالة الملك المعظم على رفع المستوى التعليمي والزراعى الإقتصادى في منطقة نجران . وسيظل أسمه مقترناً بالحركة العمرانية في مدينتي نجران الجديدة والقديمة . وحقاً فقد فقدت المملكة هذا الرجل كما نعته في البيان الرسمي ومنطقة نجران بسكانها من بادية وحاضرة فقدوه وبصورة خاصة . وعزائنا جميعاً أن ذكراه ستظل في أعماله الخيرة ماثلة يذكرها تاريخ مملكتنا الفتية فنسأل الله جل شأنه أن يهبه المغفرة والرضوان وللجميع في هذه البلاد وعلى رأسهم صاحب الجلالة الملك المعظم وسمو ولي عهده الأمين والأسرة المالكة الكريمة وأسرة الفقيد الصبر والسلوان وإنا لله وإنا إليه راجعون .

على بن مسلم

الرياض (العدد 4102) 6/1/1399هـ

 

 

 

مات خالد بن أحمد السديري .. ولا أقول : مات الأمير ولا أقول مات الوزير ولا أقول مات ذو الجاه الكبير .. لأن هذه صفات عرضية يحملها الكفئ وغير الكفئ .. وقد يغرى بها ويبهر بمظاهرها من تستويه وتغريه .. وما هى ومن يغرى بها ويغوى إلا زبداً يذهب جفاء ، وسراباً بقيعه يحسبه الظمآن ماء ، حتى إذا جاءه لم يجد شيئاً . هذه الظاهر وغيرها يجب أن لا نذكرها في رثاء خالد لأنه هو نفسه أباها أن تغريه أو تستهويه ، وإن كان قد أخذ منها بالنصيب الوافر والقدر المتكاثر . فلقد ولى فعدل ، وقاد السريا وتقدم الجيوش فأعطى حسن قيادة وقوة إرادة ، وتسنم من الجاه سنامه ومن ثقة الدولة الذروة .. ولكنه يأبى إلا أن يكون خالد أحمد السديري .. بإرادته ، وقوة شخصيته ، وثقته بنفسه ، بخلقه الأمثل ، وسلوكه الأجمل . نعم .. أعطى لهذه المظاهر ما يلائمها ، ومثلها كرجل دولة ناجح .. ولكنه لديه ما هو أعلى وأغلى . لديه نفس أبية لا تذوب في هذه المظاهر ، ولكن هذه المظاهر تذوب فيها .. لا تأخذه أبهة السلطة وعرض الجاه فينسى أنه حديث ، وأن الذكر الجميل ولسان الصدق فى الآخرين هما أربح بضاعة وأجمل مدخر .. لا ينسيه واقعه وقد هيأ له أن يرتع من أجل المراتع فى أخصبها ، ويرد من أحلى الموارد أحلاها وأغلاها . ولكنه يذكر أن له رباً سيحاسبه . وأن فى دمه ضريبة لوطنه ، تأبى عليه الخيانة وتحول بينه وبين العقوق وأنه لا بد لهذه الأمة وهى تمر بأدوار وأطوار وترنحات خطيرة . أن يكون رجال الدولة فيها رجالاً بمعنى الرجولة حقاً ، لا تستهويهم المباذل ، ولا تستخفهم الغريات ، ولا ينقادون للأطماع والأنانيات وحب الذات .. بل يبنون ويضحون ، ويرفعون المثل الأعلى والقدوة الحسنة .. يغارون على هذا التراب وأهله ، ويربطون مصيرهم بمصيره ، وما كسبت أيديهم من مال حلال يجعلونه فيه ، يرفع مستواه ، ويلغى محتواه .. ولقد عق – بحق – من تنكب هذا المهيع وصد عن هذا السبيل .. فجمع فأوعى ، وأخذ وما أعطى ، فضرب المثل الأسوأ وأترعت المصارف العالمية بفيض يديه ، وشمخت له الغيلات الحالمة والقصور الفارهة على الشواطئ المتجددة إلا أنه العقوق .. وأن أمة سوف تبنى مجدها وتحقق سؤددها ، بنماذج من هذا القبيل : لخاسرة . تلقى خالداً فى مجلسه يحوطه الإحتشام . ويحفه التواضع ، يحفظ التوازن بينهما . ويبقى لنديه صفة الجلال والوقار ، ويشعر من حوله أنه أمام رجل يحسن الإصدار والإيراد ، ولا يخرج من حديث إلى آخر إلا بمقتضى الحال وبتحقق الفائدة ، ولا يريد أن يستبد بحديث دون أن يكون لجليسه رأي فيه .. إن خالد أعد خيار ، وسط في كل شئونه ، له شخصية جذابة ، وخلق رضى متعدد الجوانب المثلى بارز سمات الرجولة .. ويشدنى من جوانب شخصية أدب متذوق ناقد ، ويسهم فى الشعر بنصيب ، وفى النثر بقدر ، وفى الرواية بسهم .. وله صفة المؤرخ النسابة ، الملم بكثير من أحوال الجزيرة العربية وتاريخها ، وأنساب أهلها وقصصهم وأيامهم ومن أبرز صفاته – رحمه الله – الوفاء ، والحفاظ على الود ، ومراعاة الصداقة ووضع الجميل فى أهله . ذلك من بعض صفاته ، ما يعتز به هو ، وما يثق أنه الأبقى والأتقى .. وهكذا كان .. فكل شئ إنتهى من حياة الفقيد ، إلا هذه الصفات .. وهكذا يجب أن يثنى عليه وعلى أمثاله بقول الصدق والحق ، لتبقى فينا الأسوة الحسنة . والوفاء لمن وفى ، والبر بأرباب البر ، وتخليد ذكراهم فى مماتهم ومحياهم . رحمك الله يا خالد فلقد أعطيت وأوفيت ، وأسلفت وبررت .. وإن فيك القلاوة وفى أعمالك لمثل .. جعل الله فى عقبك الخير والبركة ولا زالت أسرتك تنبت المكارم وتنجب للتاريخ .

عبد الله بن محمد بن خميس

الرياض 23/1/1399هـ

 

وسيمضى اليوم بل وكل يوم وأمتنا العظيمة الوفية تتذكر معالي الأمير خالد السديري بقدر ما أعطى لأمته وبلاده من جهد وكفاح آسفة لفقده أسفها على الطليعة الوفية من أبطالها ، وعزاؤنا الوحيد أن هذه الأمة ستظل أمة عظيمة تنجب العظماء من الرجال . وهي إن خسرت اليوم أو غداً فارساً فإنها بمشيئة الله لن تخسر حضارتها ولن تغيب الشمس أبداً عن مجدها الذي صنعته بدماء الشهداء من أبطالها . لقد أعطى الفقيد الكبير لأمته شبابه وصحته ، وتوج ذلك بأن أعطاها حياته ثمناً لمستقبل واعد بالخير لهذه البلاد ولهذه الأمة ، إن هي ظلت وفية لرسالتها تقتضى أثر الآباء الذين سطروا بدمائهم أروع ملامح البطولة والفداء إلى أن حققوا لنا حلمهم الكبير وأصبح لنا هذا المجد الذي نعتد به ونفتخر . وإنه لرائع أني قرأ الإنسان في حياته تقدير الأمة لما أجزله من عطاء لها ، ورائع أيضاً أن يموت الإنسان بعد أن يعطى لأمته ما أعطاه لها المرحوم معالي الأمير خالد أحمد السديري ، كذا كان همس المواطن وهو يؤدى الليلة البارحة الصلاة على جثمانه الطاهر وهكذا كان همسه وهو يأخذ مكانه بين المعزين في المنزل الذي شهد فصلاً من حياة المرحوم وقصة عن مرحلة لن تنتهى بموته أبداً وإنما ستبقى إضافة حية تؤجج الوفاء والكرم والشجاعة في نفوس هذا الجيل وكل جيل من الناس الطيبين . أنا لا أرثى بهذه السطور القصيرة الفقيد الكبير وإنما أسجل – كصحفي بعض ما سمعته من همس مصدره المواطن ، لأؤكد بأن أمتي بخير فليس هناك أروع من الوفاء نوطد به علاقاتنا مع الأموات قبل الأحياء ، حيث تختفى لغة الماديات في تعاملنا ، فللفقيد منا – نحن هذه الأمة – أصدق الدعوات ، وإنا لله وإنا إليه راجعون .

خالد المالك

الجزيرة 4 محرم 1399هـ

 

فى 5 شوال عام 1319هـ - أشرق على جزيرة العرب (بدر) أضاء الجزيرة وبدل ظلامها نوراً . وجهلها علماً . وخوفها أمناً . الملك عبد العزيز رحمه الله وسطعت حول البدر المشرق نجوم عاصرت الكفاح – والتأسيس – كلما أفل نجم حل محله نجم وكان المرحوم الأمير خالد الأحمد السديري أحد النجوم اللامعة في أواخر عهد البدر المشرق في سماء الجزيرة – والبدور الذين خلفوا البدر المشرق من أشبال عبد العزيز الملك والأب كان . رحمه الله في جيزان والظهران وتبوك والرياض . ونجران أميراً ووزيراً وصاحب رأي ثاقب وحكمة وحلم والبت الواقعى للأمور همة في حياته رحمه الله خدمة الوطن ورعاية المواطنين الذين يقصدونه بوجه باسم وترحيب ليس للكلمة النابية في عرف النجم الأفل مكان وما سمح للكلمة النابية أن تقال في حضرته – نموذج فريد من الرجال – خلقاً ووفاء وتتبعاً لأخبار الأصدقاء وأبنائه الروحيين وما أكثرهم . حتى في حالة مرضه يرسل لأصدقاءه يستفسر عنهم – فعزاء (للبدر) الملك خالد المفدى أدام الله حياته الغالية وعزاء للبيت المالك ولزويه وللوطن في الرجل الراحل والنجم الآفل . ورحمك الله أبا فهد بقدر البسمة المشرقة على وجهك التى لم يعرف الناس لها غياباً حتى في أحلك الأوقات وبقدر كلمة الترحيب التى تقولها وبقدر ما أديت لوطنك من خدمات . فالموت نقاد على كفه . جواهر يختار منها الجياد .. والحمد لله على قضائه .

إبراهيم عمر غلام

15/1/1399هـ

 

في مساء يوم الأحد الموافق 3/1/1399هـ شيعت مدينة الرياض رجلاً .. رجلاً .. لقد شيعت المرحوم معالي الأمير خالد بن أحمد السديري رجل الدولة .. والمليك .. والوطن .. رجل أفنى حياته في العمل على نشر الأمن في ربوع مملكتنا الحبيبة .. فقد كان – يرحمه الله – سيفاً من سيوف الإسلام .. لقد كان سيفاً مسلطاً من أجل كبح جماح الشر والفتنة في كل شبر من بلادنا العزيزة .. فقد عمل – كما هو معلوم – وكما تحدثت عنه الصحافة في رثائه - فقد عمل في الخبر وتبوك وأبها وجيزان وفي قلب العاصمة الرياض وزيراً للزراعة .. وقبلها نائباً لوزير الداخلية .. وأخيراً أمضى فترة طويلة من عام 1382هـ وحتى وفاته أميراً أو مشرفاً على إمارة منطقة نجران . لقد كان – يرحمه الله – رجل دولة ، فهو يعمل ليل نهار من أجل خير هذه البلاد حكومة وشعباً ورجل المليك فهو بحكم رجاحة عقله وما وهبه الله من حنكة وإدراك وبعد نظر ، فقد كان الملك ومنذ عهد الملك عبد العزيز مروراً بالملك فيصل يرحمهما الله ثم الملك خالد أطال الله فى حياته . لقد كان الجميع يستأنسون برأيه ويجدون فى حكمته دراية وعين الصواب . أما عن كونه رجل وطن فإنه قد ساهم طيلة حياته في تنمية الزراعة والمساعدة على تطوير المناطق التي أنيطت به مسئولية الإشراف عليها كأمير لها . وفضلاً عن هذا وذاك فلقد كان سنداً قوياً لكل ضعيف ومظلوم يساعده بما له .. وبرأيه وبجاهه بما يعيد الحق إلى نصابه وينصف المظلوم .. لقد كان بحق مصدر خير وسعادة على الجميع – وبوفاته خسرت المملكة حكومة وشعباً رجلاً من الصعب أن يوجد من يملأ الفراغ الذي تركه .. فى رجاحة رأيه .. وحنكته .. وشجاعته .. لكن ما دام أننا نؤمن بأن الموت حق وهو مصير كل كائن حي .. فهذه إرادة الله وهذا مصيرنا جميعاً .. وقديماً قال الشاعر :

كل إين أنثى وإن طالت سلامته                يوماً على الآلة الحدباء محمول

وخالد بن أحمد السديري – يرحمه الله – ليس فى حاجة إلى شرح ماضية وأعماله وشجاعته فهو غنى عن ذلك فالكل يعرفها المسئول والمواطن العادى على حد سواء .. فلقد كان موضع إكبار وتقدير وإحترام الجميع .. لكنها كلمة حق وإنصاف أرى أن من واجبى أن أقولها لما عرفته عن المرحوم رغم قلة إحتكاكي به بحكم كثرة مشاغله وإستقراره فى نجران بحكم مسئوليته هناك . لقد خسرنا رجلاً .. وفقدنا فارساً من فرسان هذه الجزيرة .. لكن عزاؤنا في ذلك كله أنه قد خلف رجالاً كلهم حنكة ومعرفة ونبل ورجولة فلقد تتلمذوا على يدى والدهم ويقول المثل (ما مات من خلف) .. لا سيما إذا كان هذا الخلف قد كسب الكثير من خصال سلفه .. لقد كان لنبأ وفاته رنة أسى وحزن عميقين فى نفوس الجميع . لقد غصت الشوارع المؤدية لجامع الرياض الكبير بالمارة والسيارات مساء الأحد 3/1/1399هـ حيث سارع الجميع للصلاة عليه لقد كان التأثر بادياً على الجميع ، فهم يعرفون مدى الخسارة التى حلت بالبلاد بفقد شخصه ، لكنه قضاء الله وقدره والجميع يؤمنون بأن الموت نهاية المطاف لكل كائن حي . وخالد السديري وإن كان قد مات وإنتقل عن هذه الحياة الدنيا الفانية إلى الحياة الآخرة الباقية فإنه سيبقى حياً بذكراه – بأفعاله – بما قدمه لأمته ووطنه ومواطنيه .. سيبقى حياً يذكره الجميع ويترحمون عليه ويدعون الله له المغفرة والرضوان لأنه من الأشخاص القلائل الذين قال فيهم الشاعر :

فاظفر لنفسك عند موتك ذكرها                فالذكر للإنسان عمر ثاني

إن القلم ليعجز عن ذكر أعمال المرحوم خالد السديري لكن هذا مجرد رثاء متواضع صادر من قلب مؤمن بقضاء الله وقدره آلمه هول الفاجعة . فليرحمك الله يا خالد .. ليرحمك الله .. ويسبغ عليك شآبيب الرحمة الرضوان ، وأن يلهم الجميع من بعدك الصبر والسلوان . وتعازينا القلبية نقدمها لمقام جلالة الملك خالد المعظم وإلى صاحب السمو الملكي الأمير فهد بن عبد العزيز ولي العهد الأمين وإلى كافة أصحاب السمو الملكي الأمراء وللأسرة المكلومة بفقد عميدها آل السديري الأفاضل ولكل من يعرفك يا خالد ويقدر فيك رجولتك وأعمالك ووطنيتك . عزاؤنا نقدمه للجميع ونقول في هذه المناسبة وهو خير ما نقوله يقوله الصابرون "إنا لله وإنا إليه راجعون" .

عبد العزيز بن حمد السويلم

6/1/1399هـ

 

مات خالد السديري . أمس .. قليلون جداً الذين يعرفون من هو خالد السديري ولكن كبار الدولة .. وكبار القبائل يعرفون حقاً من هو خالد السديري . مات الرجل البسيط القوي – البسيط جداً .. القوي جداً . مات أحد سيوف هذه الدولة – ومات أحد أدمغة هذا الكيان .. مات أبو فهد .. مات في الغربة مع المرض – وأي غربة أقسى من غربة يصاحبها مرض . لقد كافح الرجل سنين طويلة تحت ظل علم هذه الدولة المؤمنة وقهر بحكمته وشجاعته ودهائه كل فوضى للقبلية والعشائرية وإستطاع في الحدود أن يقهر الفوضى ويوطد الأمن وأن يقدم نفسه من أجل هذه الراية الخضراء . يجب أن تعرفه الأجيال الحاضرة وأن تعرف غيره من أبطالنا الذين يسقطون فجأة بعد أن يعلكهم المرض .. ويقفز بهم لمخالب الموت .. هم الذين كانوا أشد باساً وأروع حكمة . ومن عيوبنا المتمكنة جداً أن التاريخ الذي ندرسه لأبنائنا يغفل العديد من رجالات هذه الدولة . أنهم في الدول الأخرى يصنعون التماثيل لعظمائهم ، وقاداتهم ومقدمي أرواحهم من أجل بلدانهم .. ونحن كمسلمين لا نؤمن بهذه الصورة . ولكننا يجب أن نؤمن بالتاريخ الذي تقرؤه الأجيال – ومع ذلك فنحن لم نعمل شيئاً أنهم في أمريكا أكثر الدول المتحضرة تقدماً يجمعون كل ما يشير إلى التاريخ الأمريكي يجمعونه في المتحف – أما نحن فنبدد تاريخنا بنسياننا لأبطالنا . إن أجيالنا تجهل من هو خالد السديري – من هو تركي السديري – ومن هو محمد السديري – ورجالات بلادنا الذين بنوا مع عبد العزيز كياناً عظيماً فلماذا لا يسجل ويدرس . إن بيت السديري رزئ خلال عام واحد فقط بموت ثلاثة من رجاله .. ورابعهم تحت رحمة الله .. لقد قدم آل السديري كل ما يملكون .. من أجل هذا البلد ومن أجل هذه الدولة العظيمة وكافحوا مع قائدها العظيم عبد العزيز . ومع أبنائه من بعده .. ورموا في الحدود في الشمال وفي الجنوب .. وماتوا واحداً تلو الآخر والناس لا تعرف عنهم شيئاً سوى كلمة نعى تتكرم بها وزارة الإعلام بعد إيحاء أيضاً – لقد مات خالد رحمه الله فريسة المرض – صحيح أن الدولة إهتمت به من بداية مرضه حتى مات .. ولكننا أغفلناه ومن على شاكلته من الرجال القلائل .. أهملناهم تاريخياً . لقد كان عالماً وشاعراً وفارساً .. عاش حياته أشد المحن وصمد لأشد المعتدين والطغاة في الجنوب ، ورأى فيه الفيصل رحمه الله عيناً لا تنام وفكراً لا يخطئ ورؤيا بعيدة لا تغلب .. فرمى به الجهلة والأعداء ، والمتمردين وأخيراً مات .. مات رحمه الله بعد عمر طويل من الكفاح والتجلد مات لم يهنأ بحياة ولم يتلذذ بعيش بل كان جهازه الهضمي عرضة للعمليات المتعددة . وعاش رحمه الله قيد أبسط المأكولات .. وأخيراً .. سلم الروح بعد أن ظل في نيويورك أكثر من عشرة شهور رهين الشلل والمرض الخطير .. ولن نذكره بعد موته هو وأمثاله إلا بتخليدهم في كتب تقرؤها الأجيال في المدارس وصدق الشاعر :

والموت نقاد على كفه             جواهر يختار منها الصحاح

 

راشد الحمدان

4/1/1399هـ

يوم وصل جثمان المرحوم خالد الأحمد السديري إلى الرياض كنت يومها أطوف على منازل الأصدقاء أستعطى دماً لصديق مريض يحتاج إلى كمية مناسبة من الدم ليتمكن الأطباء من إستئصال ورم خبيث في المعدة ، وتشاء المصادفات أن أمر بمنزل المرحوم خالد السديري فرأيت جموع المعزين والمشيعين وما أكثرهم فكان ذلك بعض العزاء لى لكونى مشغولاً بصديق لو تركته ما إنشغل به أحد ، أو لو تركته لكانت روح خالد السديري أول اللائمين العاتبين علي . وحين يرحل رجل كبير كالمرحوم خالد السديري معنى ذلك أن واحداً مثلى يعتريه الشعور بالرحيل أيضاً ، كان منزل الأمير خالد في مدينة الرياض محازياً لشارع (العطايف) ويتوسط منزل شقيقه تركي رحمه الله وشقيقه محمد أمد الله في عمره ، ولهم بئر هباة كبيرة لا نقوى نحن الصغار على زعب (جر) أشطانها ودلائها ، وبجوار منزل المرحوم تركي على نفس شارع العطايف مما يحاذى نخل آل أحيمد مسجد كبير يكتظ بالوافدين المستجيرين وذوى الجرايا (المخصصات) والعوائد . ما أزال أذكر أنني كنت أعبث برجام إبتعته من صبى شيبانى وتخيرت لهذا المرجام شظايا من الحجارة السننية الحادة لتغزوا أبناء حارة (الشرقية) وكان موعد الشجار شهر رمضان القائظ ، وشاء حظى السيء أن أقذف بالشظية الرابعة أو الخامسة إلى مكان لا أدرى كيف زاغت عنه لتقع على جبهة إبنة معالى السفير فهد الخالد السديري . كان أطفال الحارة في تلك الأيام يسمونني (ولد السودانى) لأن والدى سودانى الأصل ، وبعضهم يسمينى (عبد بن هديات) لأن خالى المرحوم محمد بن هديات أمير بلدة (بيشة) هو الذي يرعاني حين يكون والدي في الحجاز ، ولأن الكثرة من الأطفال لا يجدون لسوادى تعليلا مقبولاً فقد كانوا – في تلك الأيام الغابرة – يحسبون كل ذي لون أسود مولى ، وربما كنت في طفولتي هجاءاً حطيىء اللسان مما جعل الأطفال جميعاً يركضون ورائى من طريق إلى طريق ومن عايرة إلى عايرة والقصد من ركضهم كان بالطبع معروفاً لا يحتاج إلى تعليق ، ولكن هيهات هيهات فقد هربت منهم ومن خالي وإنزويت ذليلاً في منزل الأمير عبد المحسن بن عبد العزيز دون أن أخبر أحد بشئ . دار أسبوعان أو ثلاثة حتى علمت أن خالي قد قدم من (بيشة) وفي الطريق إلى منزله أصطادنى متعب المتعب الرشيد وعاونه أكثر من حاقد وموتور وبغيض وقادوني جميعاً إلى منزل المرحوم خالد دون شفقة أو رحمة وكانوا جميعاً يصيحون بأقوى ما تجود به أصواتهم : هذا عبد بن هديان ، هذا عبد بن هديان (هذا ما هو بعبد بن هديان) فكوه فكوه (هذا ولد إبن هديان) كان الأمير المرحوم يردد هذه الكلمات بخفوت صوت ملئ بالوقار والحزم ، وهكذا أطلقوا سراحي ، وكان صنيعه أول إعتراف خارجي  بأنني ولد إبن هديان ، وربما يكون معالى السفير فهد الخالد قد نسى الفلقة العنترية مع أن المثل يقول العكس (الضارب ينسى والمضروب ما ينسى) لكن لا أحد ينسى لحظة حاسمة يتوقف عليها وجوده من الناحية الرمزية أو المركزية . حدثت خالي بالقصة من أولها   إلى آخرها ، وما أزال أذكر قوله (يا ولدى لا تقرب عيال الشيخ يا ولدى تراك ما أنت بأطيب من حميدان الشويعر الذى ما ترك أحد إلا وهجاه وشتمه وترى حميدان يا ولدى ما مدح أحداً إلا جدهم (جد السدارى) يقصد (الأمير محمد الأحمد الأول) إن لم تخننى الذاكرة كبرت وحفظت بعض أبيات للشاعر حميدان في مدح السدارى ولكن نسيتها الآن ، ولا أدرى هل هي محفوظة في ديوان حميدان أم لا ، ولما كان السدارى منذ زمن طويل أمراء على الغاط وصاهروا الإمام عبد الرحمن غار منهم كثيرون من أهلي (سدير) فكانوا يقولون (وافقت صلاة الجمعة في الغاط) أي لولا أن الإمام عبد الرحمن صلى في الغاط ورأى من السدارى ما رأى ما طمع في أن يكونوا خؤولة لأبنائه . لم أكن قد رأيت المرحوم خالداً في صغرى إي مراراً قليلة جداً ، وكذلك الأمير محمد أمد الله في عمره ، لأنهم جميعاً لا يستقرون في الرياض إلا أياماً معدودات تتطلبها المراجعات الرسمية . كان خالد - رحمه الله -  على ما قيل فيه من الكرم والشجاعة والعزم رجل تدبير وحزم وكياسة وتثبت ، وأن كل من يقرأ تاريخ إبن بشر وأبن غنام لا يستغرب هذه المقدمات الفذة النادرة ، فقد كان السدارى رجال حكم وإدارة وسياسة وقدموا خدمات جليلة للدولة السعودية الأولى والدولة السعودية الثانية ، وليست صلاة الجمعة في (الغاط) هي التى صهرتهم إلى الإمام المرحوم عبد الرحمن بن فيصل ، بل أن أعمالهم وخدماتهم هي التى أهلتهم لأن يكونا مع عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود رحمه الله رجالاً يعتمد عليهم في بناء هذه الأمة ، وكيان هذه الأمة . آلا فليرحمك يا رجل الملمات ، ويرحم أموات المسلمين جميعاً .

عبد الله نور

17/2/1399هـ

 

يقولون إذا زرعت قمحاً فأزرع لسنة وإذا زرعت لقرن فأزرع رجالاً ، وعندما نقول المرحوم خالد أحمد السديري ، نعلم أنه أب لمجموعة كبيرة من رجال المملكة العاملين في حقول ومجالات متعددة ويحملون مسئوليات جسام تجاه قادة ورعاة هذه الأمة فهذا الرجل الذي إنتقل إلى جوار ربه وهو مطمئن بعد أن عاصر تأسيس ونشأة المملكة العربية السعودية وعاش جهاده بكل ما تعنيه تلك الكلمة حتى رأى ثمار الجهاد فهو من أولئك البارزين الذين يعملون في صمت وحكمة وقد نفذ كل ما أصدرته إليه القيادات من التعليمات والأمر وقد حاز الثقة التامة وفوض في العمل لكل ما يراه في مصلحة أمن المملكة ونهضتها وقد عاش مجاهداً وإنتقل إلى جوار ربه وهو يبتسم فرحة بشأبيب رحمة ربه ، وسجله حافل بمختلف أعمال الجهاد . وأتوقع أن يتولى خلفاؤه من الأولاد والأحفاد جمع سيرته وأعماله وتزويد المكتبة العربية والعالمية بشتى القصص التاريخية التي يمكن أن تكون مصدراً مشرفاً ومثالاً يحتذى به لما فيه من صدق وشجاعة ومكارم لأنه ربما وضع بنفسه قلائد من المنظوم والمنثور سجل فيها الكثير من الأحداث التى مرت به في حياته لهذا فلا أخشى أن ذكره سيغمط وينسى لأنه ترك أبناءه وأحفاده وهم على درجة من العلم والمعرفة المؤهلين لتسجيل وقائع حياته الطويلة . فرحمك الله يا أبا فهد وأسكنك فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون .

أحمد زيد الخيال

الجزيرة 5 محرم 1399هـ

 

كان رمزاً للرجال الذين إنطلقوا بقافلة الأمل في أول خطوة على طريق المجد بالأمس إختطفته يد المنون بعد عمر حافل بالحب والخير – وهؤلاء هم الرجال الذين يظلون في ضمير الأمة علامة بارزة بأصالة البناء وصدق العلم ، فلم يكن الرجل عادياً ، بل كان وكانت مسيرته طريقاً لا بد أن يحذوا به جميع الباحثين عن عطاء يقدم للأمة والتاريخ . نتذكر "خالد السديري" حينما نرجع إلى التاريخ السعودي الذي بنى هذا الكيان وأسس هذا البناء الشامخ فى وطن سعيد وأمة خيرة . "خالد السديري" كان رمزاً للحكمة لأولئك الذين حفروا بإيمانهم طريق النور للأجيال الحاضرة والقادمة . دعته الأمة - للأمة- ونعت فيه تاريخاً عسى أن لا يزال حديثاً في كتاب مخطوط أو ذكرى في رأس رجل عاصر ذلك التاريخ .. وما أود أن أتقدم به بعد تقديم أحر التعازي .. هو الأمل فى أن نقرأ تاريخ حياة أمثال ذلك الرجل ونهدى لأبنائنا سطوراً مضيئة نهدى بها تاريخ أمة وكفاح أجيال . رحم الله خالد السديري .. فقد أعطى لوطنه وقدم لأمته ، وإختط كفاحه ، وجاهد بصبره وألقى بإيمانه درساً فى الحب ، والخير والعطاء .. رحمه الله وأسكنه فسيح جناته .

أحمد السعد

 المسئول بوزارة الداخلية سابقاً

 

الموت .. سنة الله فى خلقه .. ولا حيلة لمخلوق إلا الرضوخ والتسليم بإرادة الخالق وقد قال سبحانه عز من قائل : (وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليه راجعون) صدق الله العظيم . وقد حملت إلينا أجهزة الإعلام منذ أيام نبأ وفاة رجل عظيم من رجالات مملكتنا الحبيبة هو معالي الشيخ خالد السديري .. صعدت روحه إلى بارئها . وشأنه شان عظماء الرجال فإن جلائل أعماله ستبقى ذكراها على الدوام . وقد تولى الفقيد عديداً من المناصب المرموقة حيث عمل وزيراً ومستشاراً في خدمة دينه ومليكه ووطنه وأمته .. وهو قبل هذا أديب بارز وشاعر فحل .. له باع طويل ومركز مرموق في المحافل الأدبية والثقافية . كما ساهم مساهمة جليلة في تطوير منطقة نجران الفيحاء ، فتحققت على يديه إنجازات كثيرة من معطيات الخير ، حيث تحولت المنطقة برعاية الدولة أيدها الله – إلى جنة خضراء تزهو بنضرتها بين أحضان الطبية الخلابة وروعة البناء والتنظيم حيث كان مشرفاً عليها حقبة من الزمن . وقد إهتزت أبها للنبأ ، فقد عرفت الرجل فترة من حياته عامرة بالخير والنماء لأبناء الجنوب . واقتضنانا العرفان للرجل أن نعبر بكلماتنا المتواضعة عن مشاعرنا . وليرحمك الله يا أبا فهد .

حمد أحمد الترابى

أبها – 23/1/1399هـ

لست في هذه الحالة مبلغاً وفاة معالى أمير منطقة نجران خالد بن أحمد السديري رحمه الله بواسع رحمته فإن خبر وفاته قد أذيع من الإذاعة ونشر في الصحف والمجلات فسمعه من في داخل المملكة وخارجها – إنما هناك كلمة نود أن نقولها كعرفان بما لذلك الفقيد من أياد كريمة على أبناء نجران وعلى غيرهم . إن الفقيد رحمه الله غنى عن الإشادة ولكننا لسنا أغنياء عن ذكر الرجال المخلصين العاملين الذين وهبوا أعمارهم في خدمة الله والجهاد في سبيله إيماناً بأن ذكرهم والثناء عليهم إنما يدفعنا للتأسى والإقتداء بهم :

فتشبهوا إن لم تكونوا مثلهم           إن التشبه بالكرام فلاح

فنعم المقصد هذا . لقد كان الفقيد رحمه الله في المستوى العالمى الرفيع الذى يغبطه عليه كثير من الناس فما من جانب من جوانب الكمال إلا وله النصيب الأوفر منه لقد كانت إنسانيته سامية كبيرة فما يبرق بارق للخير إلا وسعى إليه عطوفاً حنوناً وكانت أخلاقه كريمة عالية . طاهر الضمير . عزيز النفس أبى الفؤاد . حلو السجايا . شهماً كريماً . يكرم الرجال الكرماء . ويعظم الرجال العلماء . ونادراً ما يخلو مجلسه من مناقشة علمية أو مذاكرة أدبية فقد كان أديباً شاعراً من أجود الشعراء في مملكتنا – يغضب غضباً شديداً إذا رأى العوج لا يهدأ إلا أن يستقيم . ويرضى رضى المسئول الذى تعيش المسئولية في كل ذرة من جسده ، فإذا قدم لنجران ؟ هناك يرى الإنسان بعينه ما يسر الخاطر ويشرح الصدر – لقد أخذت نجران حظها من التطور الشامل وسايرت كل مدن مملكتنا في كل المجالات فإتسعت رقعتها الصغيرة إلى عشرات الكيلومترات بناءاً رائعاً وشوارع جميلة ومدارس مزروعة في كل مكان ولست أملك وأنا أنهى كلمتى المتواضعة هذه إلا أن أردد مع من قال :

رحـم الله خــالداً وحبـــــاه               جنــة قد أعدها للــــهداة

وجزاه خير الجزاء وأبقى              آلـــه للجهاد والتضحيات

بالنيابة / عبد الله العويثانى

22/1/1399هـ

 

الرثاء من أسرته

ما أقول عن فقيدنا رحمه الله رحمة واسعة أأقول والدي فهو فعلاً بمثابة الوالد عطفه ومعاملته وتوجيهه الذي أُصغي إليه وآخذ به لأنني حين أفكر في توجيهاته رحمه الله وأتعمق فحواها ومعناها أجد أنها بمنتهى الدقة والصواب مصدرها رجل عركته الحياة فعرفها وعايش الأحداث فأرتوي من ظروفها تجارباً وحنكة فرحمك الله يا خالد بن أحمد السديري – رحمك الله أيها الرجل العظيم الذي ترك فراغاً يصعب ملؤه  بسهولة سواء للوطن أو لأسرته – السداري – لقد كانت توجيهاته منذ الصغر في دراستي ومنهاجي يحثني على الجد في التحصيل العلمي – أذكر أنني كنت مع والدي رحمه الله فأشار عليه وعلي بدخول كلية الحقوق فوافق أبي وفعلت والحقيقة حبي وتقديري له – رحمه الله – لا حدود له وبنفس هذا الحجم كانت صدمتي بوفاته ومما يعزي في ذلك ما شاهدناه من تقدير أبناء هذا الوطن الغالي له وتأثرهم تأثراً كبيراً بوفاته رحمه الله ويعزى أيضاً أنه خلف أبناءً علمهم تعليماً عالياً ووجههم بتوجيهاته السديدة فأصبح كل واحد منهم محل فخر لنا نحن أفراد الأسرة . هذا الرجل كان حتى آخر لحظة في حياته يرحمه الله محباً لبلده بلا حدود أذكر وهو في أمريكا بعد أن أصيب بجلطه في الدماغ أعجزته عن النطق والمشي كان يحرص على أخبار وطنه بصفة خاصة والمنطقة العربية على وجه العموم كان لديه راديو من النوع الجيد في نيويورك يسمع فيه بعض الإذاعات العربية وما يبث من غيرها باللغة العربية فيحرص على سماع نشرات الأخبار بل أنه يشاهد نشرة الأخبار في الرأئي والتعليقات ويطلب من الموجود من أبنائه أحمد وتركي أو عبد العزيز ، أو متعب ترجمة ما يذاع إذا كان يتعلق بمنطقة الشرق الأوسط – لم يلهه مرضه وما يعانيه عن وطنه هكذا الرجال العظام يكونون فوق النوائب رحمك الله يا خالد رحمة واسعة .

سعد الناصر السديري

 

إنتقل إلى رحمة الله تعالي (الأمير خالد بن أحمد السديري) وكان لوفاته رنة حزن وأسي في جميع الأوساط والفقيد رحمه الله غني عن التعريف .. فقد كان رحمه الله سيفاً من سيوف هذه المملكة رعاها الله وقد بذل الفقيد حياته في خدمة وطنه ومواطنيه – تحت راية جلالة المغفور له عبد العزيز بن عبد الرحمن الفيصل آل سعود التي هي راية التوحيد .. وظل يخدم هذه الراية الخفاقة بدون كلل حتى وافاه الأجل المحتوم ، عمل رحمه الله وكيلاً لأمارة مقاطعة عسير في الخمسينات عندما كان أميرها أخوه الأمير تركي بن أحمد السديري ، فأميراً لمنطقة جيزان وقاد الحملة التأديبية في جبال الريث خلال أمارته بجيزان . وعين أميراً في الظهران والدمام والخبر في عهد جلالة الملك عبد العزيز رحمه الله ، ثم عين مستشارأً لجلالة المغفور له الملك عبد العزيز فأميراً لمنطقة تبوك فوزيراً للزراعة فمشرفاً على أمارة تجران وقد عمل قبل ذلك بالنيابة عن سمو وزير الداخلية الأسبق الأمير عبد الله الفيصل بوزارة الداخلية إلى جانب إشتراكه في الكثير من اللجان والمهمات العليا في الدولة ويعتبر الفقيد من أحب الرجال إلى هذه البلاد التي أفنى حياته في خدمتها . وكان رحمه الله يتمتع بشخصية قوية وبمزايا حميدة وهو أديب وشاعر ، ولقد ظل على وفائه لحكومته وبلاده إلى أن إختاره الله إلى جواره تعازينا بالفقيد الغالى إلى حضرة صاحب الجلالة الملك المعظم وإلى حضرة صاحب السمو الملكي ولي عهده الأمين وإلى أصحاب السمو الملكي الأمراء . وعزائنا فيه إلى أبناءه وأشقائه وأسرته ووطنه ومواطنيه . وإنا لله وإنا إيه راجعون .

محمد بن عبد الرحمن السديري

3/1/1399هـ

 

سعادتى به وهو حي كانت غامرة كعم لي أشعرني من خلال كفاحه بمدى أهمية عضويته في المجتمع رائداً بنى مجتمعاً وشارك في تأسيس دولة فارهة المجد ، وقائداً حمى حدوداً ووطد أمناً .. لكن ألمي بعد وفاته أن يكون والده خالاً لأبي وأكون خالاً أبناءه كان بسبب شهادتي فيه مجروحة مهما قلت عنه فالقريب يجب أن يترك مكانه للبعيد كي يتحدث عن مآثر فقيد هو فوق حجم رجل مات أو وجيه ترك مكانه .. ذلك أن خالداً كان أكثر من ذلك بكثير .. يكفى أنه واحداً من قلائل يصح بأن نسميهم جيل الرواد الذين بنوا كياناً عظيماً إستلهم خطى الأجداد فى التاريخ القريب والبعيد وكان من ذلك النوع النادر الذي يرهق في نفسيته عندما يكون بدون مسؤولية وتتصاعد متاعبه لو كانت طاقته أكبر من واجبه .. كان رجل عمل وحكمة وقيادة من طراز فريد .. لم يعرف الراحة في حياته يوماً واحداً .. وكان رجل المواجهة الكفؤ لكل الأحداث الطارئة ..  وقد عرفه مجتمعه الخاص وفياً في صداقته وأميناً في تعامله متواضعاً مع من هو أصغر منه في السن أو مركز العمل .. إن كان ثمة فائدة باقية في يوم وداع رجل عظيم .. فتلك هي أن نطرح لشباب الجيل الحاضر .. نموذج حياة هذا الرجل وأمثاله ممن عاشوا حياة الصحارى بكل ما فيها من جفاف وقسوة .. وعانوا مهمة تطويع البداوة والتخلف بإرادة صلبة حتى يتحقق المجتمع الحضاري دون أن ينالوا من الترف أو ينال منهم الإمتاع شيئاً من رجولتهم وفحولة مواجهتهم للمتاعب .. هذا الجيل لو نسي ماضيه القريب المتمثل في حياة هؤلاء فإنه سوف يضيع خط بدايته ويأخذه الترف إلى حيث ينسى أصوله ويكون كفاح أولئك كنزاً أهدره ترف هؤلاء . أذكروا دائماً أن الذئاب والصقور وحدها القادرة على حياة الصحارى فمتى تحولتم إلى حمائم وعصافير للزينة فسوف تضمكم أقفاص الترف الحضاري بعيداً عن تراثكم وقيمكم ولجذور تطوركم .

تركي عبد الله السديري

تألمت لوفاة الوالد خالد السديري عليه رحمة الله فقد فقدت عطفه الأبوي . كنت أمضي إجازتي الدراسية عنده في نجران فعلمني الرجولة والخشونة والتحمل – ذهبت معه وهو يقطع رمال الربع الخالي بسيارة جيب دون وجود خط مطروق فهو يوجه السائق بين تلك الكثبان الرملية التي لا نهاية لها حتى يصل إلى المكان الذي يريده . أحياناً نخرج من نجران إلى مكان تواجد الإبل في الليل ولا نعلم إلا ونحن عندها بدون أن يكون هناك خط موصل إليها – فهو خبير بالصحراء – يعرف مسالكها بالوصف رحمه الله . لقد شاهدت مدى حب أبناء القبائل له فهو أب للجميع رحمك الله يا والدي خالد رحمة واسعة . وأسكنك فسيح جناته وجزاك الله عنا خيراً كثي وأعنا يا رب بالصبر الجميل . والله المستعان .

ناصر بن سعد السديري

 

له مواقف بطولية كثيرة أعتز ويعتز الجميع بها .. وأخلاقه العالية ومزاياه الحميدة لا أستطيع عدها ، وصدمتي بوفاته كبيرة لحد لا يوصف ولحداثة سني ظنيت أن والد عظيم لطيف حنوناً مثله لا يموت ولم نراه في مرضه خوفاً من الأهل علينا بأن ننصدم ونتألم وكانت الصدمة علينا فادحة حين مات ولم نراه . وأسفت لذلك وطول فترة مرضه كما سمعت من والدي يسأل عنا ولماذا لم نحضر له وكان رحمه الله في أمريكا ونحن هنا في المدينة .. أمنيتي الآن أن أراه حتى ولو في المنام وأنا أدعوا ربي أن يرحمه ويدخله الفردوس الأعلى ويقوينا الله بالصبر .

إبنته مها بنت سعد بن ناصر السديري

 

رحماك يا ربي لوالدي خالد السديري أعو الله أن يدخله فسيح جنابه – زرته مع والدي ووالدتي في أمريكا وهو في مرضه فكان عطفه فوق مرضه ومواساته لنا فوق معاناته من المرض كان يحرص على أن يحضر لنا ما نحتاجه من لعب وكل وسائل التسلية كان يأمر – بالإشارة لعجزه عن النطق رحمه الله بأن نذهب نحن الأطفال بالسيارة للتنزه – بل أمر على أن يدخل الصغار مدرسة لتعليم اللغة الإنجليزية حرصاً منه أن يجيدوها . كل ما عندي هو الدعاء له بالرحمة والمغفرة الواسعة فأسأل الله أن يدخله جناته مع الشهداء والصالحين .

فيصل بن سعد السديري

 

 

خـــــاتمـــــة

نيابة عن أبنائه وبناته وأحفاده وحفيداته وجميع أقاربه أشكر كل شخص قال  كلمة وفاء بعد مماته لرجل بذل حياته لخدمة وطنه وقيادته وأبناء هذا البلد المبارك المعطاء وأعتذر لكل شخص لم ترد كلمته وأرجو تكرمه بإرسالها للموقع  لنتمكن من إضافتها لاحقاً ، والله من وراء القصد .

إدارة الموقع